جدار المسجد الكبير وجعل ذلك بأساطين حجارة مدورة عليها ملابن ساج بعقود من الآجر والجص الأبيض ، ووصله بالمسجد الكبير وصولا أحسن من الأول ، حتى صار من فى دار الندوة من مصلّ ومستقبل يرى القبلة كلها ، وكان ذلك فى سنة ست وثلاثمائة (١).
وأما الزيادة التى بالجانب الغربى المعروفة بزيادة باب إبراهيم ، فنقل الفاسى رحمهالله أنه لما كانت أيام جعفر المقتدر بالله أمير المؤمنين أمر أن يجعل هذا المحل مسجدا ويوصل بالمسجد بالكبير ، فعمل على ما هو عليه اليوم فاتسع (٢) الناس به وصلّوا فيه ، وذلك فى سنة ست أو سبع وثلاثمائة. انتهى.
والسبيل الذى بالزيادة المذكورة من عمل الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاون ، أنشأه فى حدود سنة تسع وخمسين وسبعمائة أو فى التى بعدها (٣).
وأما ما وقع فى المسجد من العمارة والتجديد فكثير ، منها العمارة الكبيرة التى كانت فى سنة أربع وثمانمائة ، وإنما ذكرتها دون ما كان قبلها وبعدها من العمائر لكونها أعظم من غيرها مما عمر بعد الخلفاء ، ولما ظهر من همة الأمير المباشر لذلك وقوة العزم. وسبب ذلك أن فى ليلة السبت الثامن والعشرين من شوال سنة اثنتين وثمانمائة ظهرت نار من رباط رامشت المعروف الآن برباط ناظر الخاص عند باب الحزورة المصحف بباب عزورة بالجانب الغربى من المسجد الحرام ، فلم يكن غير لحظة حتى تعلقت بسقف المسجد وعم الحريق الجانب الغربى وبعض الرواقين المقدمين من الجانب الشامى بما فى ذلك من السقوف والأساطين الرخام وصارت قطعا ، وانتهى الحريق إلى محاذاة باب العجلة ، فصار ما احترق أكواما عظيمة تمنع من الصلاة فى موضعها ومن رؤية البيت الشريف. ثم من الله تعالى بعمارة ذلك فى مدة يسيرة على يد الأمير بيسق الظاهرى وكان قدومه لذلك فى موسم سنة ثلاث وثمانمائة ، فلما رحل الحاج من مكة شرع فى رفع تلك الأكوام حتى فرغت ، ثم ابتدأ فى العمارة حتى عاد ذلك كما كان ، وكان الفراغ من عمارة ذلك فى أواخر شعبان سنة أربع وثمانمائة (٤).
__________________
(١) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٦٤.
(٢) لدى الفاسى : «فانتفع».
(٣) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٦٤.
(٤) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٦٥.