فاجتمع القضاة والأمير على بك نائب جدة فى الحطيم واقتضى رأيهم أن الحنفى يتقدم فى صلاة المغرب وعند التشهد يدخل إمام الشافعى وكان هذا فى حدود إحدى وثلاثين وتسعمائة ، واستمر ذلك إلى وقتنا هذا عام تسعة وأربعين وتسعمائة فجزى الله الساعى فى ذلك خيرا ، وأما المالكى والحنبلى فلا يصلون المغرب فيما أدركناه.
وأما كيفية الصلاة فيما تقدم من الزمان فكانوا يصلون مرتبين كما فى الأربع الفروض المتقدمة إلا أن المالكى كان يصلى قبل الحنفى مدة ، ثم تقدم عليه الحنفى بعد التسعين ـ بتقديم التاء على السين ـ وسبعمائة ونقل الفاسى عن ابن جبير ما يقتضى أن كلا من الحنفى والحنبلى كان يصلى قبل الآخر ، أما صلاة المغرب فكانوا يصلونها جميعا أعنى الأربعة الأئمة فى وقت واحد فيحصل للمصلين بسبب ذلك لبس كثير من اشتباه أصوات المبلغين واختلاف حركات المصلين ، فأنكر العلماء ذلك وسعى جماعة من أهل الخير عند ولى الأمر إذ ذاك وهو الناصر فرج بن برقوق الجركسى صاحب مصر فبرز أمره فى موسم سنة إحدى عشرة وثمانمائة بأن الإمام الشافعى بالمسجد الحرام يصلى المغرب بمفرده فنفذ أمره بذلك (١).
واستمر الحال كذلك إلى أن تولى الملك المؤيد شيخ صاحب مصر ، فرسم بأن الأئمة الثلاثة يصلون المغرب كما كانوا قبل ذلك ، فابتدأوا بذلك فى ليلة السادس من ذى الحجة عام ستة عشر وثمانمائة (٢) واستمروا يصلون كذلك إلى ... (٣).
وأما وقت حدوث صلاة الأئمة المذكورين على الكيفية المتقدمة ، فقال الفاسى رحمهالله : لم أعرفه تحقيقا ، ثم نقل ما يدل على أن الحنفى والمالكى كانا موجودين مع الشافعى فى سنة سبع وتسعين ـ بتقديم السين ، فى الكلمة الأولى والتاء فى الثانية ـ وأربعمائة وأن الحنبلى لم يكن موجودا فى ذلك الوقت ، وإنما كان إمام الزيدية. ثم قال : ووجدت ما يدل على أن إمام الحنابلة كان موجودا فى عشر الأربعين وخمسمائة (٤) والله تعالى أعلم.
وأما بيان محل المقامات المذكورة من المسجد الحرام :
__________________
(١) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٩٣.
(٢) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٩٤.
(٣) بياض بالأصلين.
(٤) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٩٥.