لبعض أصحابه : دخلت المسجد فى السحر فجلست إلى زمزم وإذا بشيخ قد دخل إلى زمزم وثوبه مسدول على وجهه ، فأتى البئر فنزع الدلو فشرب فأخذت فضلته فشربتها ، فإذا سويق لوز لم أذق قط أطيب منه ، ثم التفت فإذا الشيخ قد ذهب ثم عدت فى الليلة الثانية عند السحر فجلست إلى زمزم ، فإذا الشيخ قد دخل إلى زمزم فنزع الدلو فشرب فشربت فضلته ، فإذا ماء مضروب بعسل لم أذق قط أطيب منه ، ثم ذهب الشيخ فعدت فى الليلة الثالثة عند السحر فجلست عند زمزم ، فإذا الشيخ قد أتى زمزم فنزع الدلو فشرب فأخذت فضلته فشربتها ، فإذا سكر مضروب بلبن لم أذق قط أطيب منه ، فأخذت ملحفته فلففتها على يدى ، وقلت : يا شيخ ، بحق هذه البنيّة عليك ، من أنت؟ قال : تكتم على حتى أموت؟ قلت : نعم ، قال أنا سفيان بن سعيد الثورى (١).
ومنها ما أخرجه أبو الفرج أيضا عن الحميدى أنه قال : كنا عند سفيان بن عيينة فحدثنا بحديث : ماء زمزم لما شرب له ، فقام رجل من المجلس ثم عاد فقال : يا أبا محمد ، أليس الحديث الذى حدثتنا به عن زمزم صحيحا؟ فقال سفيان : نعم قال : فإنى قد شربت الآن دلوا من زمزم على أنك تحدثنى بمائة حديث. فقال سفيان : اقعد فحدثه مائة حديث.
فهذه الأخبار مما تؤيد صحة حديث ماء زمزم لما شرب له مع أنه صحيح الإسناد كما سبق. ولم ينصف ابن الجوزى فى ذكره هذا الحديث فى كتاب الموضوعات لكونه إما صحيحا أو حسنا.
ومنها كما نقله القاضى جمال بن عبد الله الشافعى الظهيرى فى مؤلفه «الجواهر المكنونة فى فضائل المضنونة» عن علماء الشافعية وغيرهم أن الدعاء يستجاب عند زمزم وفضائل ماء زمزم كثيرة وفى هذا القدر كفاية.
وأما أفضليته فنقل الجد تغمده الله برحمته عن شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى أنه قال : ماء زمزم أفضل من ماء الكوثر ، لأن به غسل صدر النبى صلىاللهعليهوسلم ولم يكن يغسل إلا بأفضل المياه. انتهى.
قال الجد رحمهالله : وفيما استدل به وقفة ، فقد يقال قوله : ولم يكن يغسل إلا
__________________
(١) انظر فى ذلك : القرى ص ٤٨٩.