فيجوز أن يكون لموسى لحية غير سوداء بأن تكون بيضاء أو شمطاء أو غير ذلك ، لأن أحوال الآخرة لا تكيف ولا تقاس على أحوال الدنيا ، ثم ما ذكر من العلة فى حق آدم عليهالسلام من كونه لم يكن له لحية فى الدنيا لما أن اللحى لم تظهر إلا بعده لا يصدق ذلك على موسىعليهالسلام ، إذ فى زمنه كانت اللحى قد ظهرت ، ويشهد لذلك قوله تعالى حكاية عن أخيه هارون معه : (قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي) (سورة طه : ٩٤) فهذا صريح فى وجود اللحى زمن موسى فيحتمل أن يكون ذلك كرامة لسيدنا موسى اختصه الله بها أو غير ذلك مما الله أعلم به ، فتأمل والله الموفق.
الرابع : إن قيل الحرمة الثابتة لماء زمزم هل هى لعينه أم لأجل البقعة؟ فالجواب أنها لعينه وإلا يلزم أنه لو حفرت بئر أخرى فى المسجد أن يثبت لها من الفضل ما ثبت لزمزم ولا قائل به ، كذا فى «منسك الجد» رحمهالله.
الخامس : يستحب عندنا لكل من طاف طوافا بعده سعى أن يأتى زمزم بعد فراغه من ركعتى طوافه ويشرب منها ثم يعود إلى الحجر ويقبله ويخرج إلى الصفا ، وكذلك يستحب للحاج إذا فرغ من طواف الصدر وهو طواف الوداع أن يأتى إلى زمزم فيشرب منها ، ويستعمل آداب الشرب المتقدمة ويصب منه على وجهه ويغتسل منه إن أمكن.
ولنختم هذا الباب بذكر أبيات الشيخ العلامة بدر الدين أحمد بن محمد المصرى فى مدح ماء زمزم وهى :
شفيت يا زمزم داء السقيم |
|
فأنت أصفى من تعاطى النديم |
وكم رضيع لك أشواقه |
|
إليك بعد الشيب مثل الفطيم |
وله أيضا :
يا زمزم (١) الطيبة المخبر |
|
يا من علت غورا على المشترى |
__________________
(١) فى المطبوع : «يا ماء زمزم» وهو غير صحيح عروضيا.