إقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بها عشر سنين ، ولعل هذا الخطاب كان فى آخرها وينقضى سن الكهولة ببلوغ أربعين سنة ويدخل بالأربعين سن الشيخوخة ، والله أعلم قاله النووى فى فتاويه.
وقوله : فكل أهل الجنة يكونون فى سن أبناء ثلاث وثلاثين يؤيده ما نقله الشيخ جلال الدين السيوطى رحمهالله فى «البدور السافرة» فقال : أخرج الطبرانى عن المقداد بن الأسود سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : يحشر الناس ما بين السقط والشيخ الفانى أبناء ثلاث وثلاثين فى خلق آدم وحسن يوسف وقلب أيوب مكحلين ذوى أفانين.
قال القرطبى رحمهالله : يكون الآدميات فى الجنة على سن واحد ، وأما الحور فأصناف مصنقة صغار وكبار ، وعلى ما اشتهت أنفس أهل الجنة.
وأخرج ابن أبى الدنيا عن ابن عباس قال أهل الجنة جرد مرد مكحلون ليس لهم لحى الا ما كان من موسى بن عمران عليهالسلام فإن لحيته تضرب إلى صدره وأخرج هنا.
وعن أبى الدرداء أنه كان يأخذ لحيته ويقول : نزع الله اللحى متى الراحة منها ، قيل له متى الراحة منها؟ قال : إذا أدخلنا الجنة.
وأخرج أبو الشيخ فى «العظمة» وابن عساكر عن جابر أن النبى صلىاللهعليهوسلم قال : ليس أحد يدخل الجنة إلا جرد مرد إلا موسى بن عمران عليهالسلام ، فإن لحيته تبلغ سرته ، وليس أحد يكنى فى الجنة إلا آدم ، فإنه يكنى أبا محمد.
وأخرج عن كعب رضى الله عنه قال : ليس أحد فى الجنة له لحية إلا آدم عليهالسلام له لحية سوداء إلى سرته ، وذلك لأنه لم يكن له لحية فى الدنيا ، وإنما كانت اللحى بعد آدم ، وليس أحد يكنى فى الجنة غير آدم يكنى فيها أبا محمد.
أقول : من المعلوم المقرر عند النحاة والأصوليين أن الاستثناء من النفى إثبات ، وهو مفيد للحصر ، فإذا كان كذلك ، فبين الخبرين المذكورين الدالين على اختصاص اللحية فى الجنة بآدم وموسى عليهماالسلام تعارض ظاهر من غير ترجيح ، لأنه حيث ثبت الحصر فى حق آدم انتفى عن موسى أو فى حق موسى انتفى عن آدم ، وإذا تعارض الخبران ولم يكن مرجح تساقطا. غير أنه يمكن الجمع بما ذكره من الصنف من كون لحية آدم سوداء ،