والشفقة والرأفة على الرعية والالتفات فى أمور المسلمين وعدم الغفلة عن ذلك فبسبب ذلك طالت مدته وحمدت سيرته وطابت سريرته ، وكانت مدة ولايته ثلاثا وأربعين سنة ونصف سنة إلا خمسة أيام أو نحوها مع مشاركة ولده السيد بركات على عوائدهم ، ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى فى الحادى والعشرين من شهر المحرم الحرام سنة ثلاث وتسعمائة بوادى الابهار ، وحمل إلى مكة ودفن بها.
ثم وليها بعده ولده السيد بركات من قبل الملك الناصر محمد بن قايتباى فى رابع ربيع الآخر من سنة ثلاث ، واستمر على ولايتها إلى أن كان موسم سنة ست وتسعمائة.
فوليها أخوه السيد هزاع بن محمد بعد محاربة وقعت بينه وبين أخيه السيد بركات فى الموسم المذكور بمحل يقال له وادى الجموم (١) بمر الظهران ، فانهزم السيد بركات ، ودخل السيد هزاع مكة وحج بالناس ، ثم خرج منها بعد انقضاء الحج إلى ينبع خوفا من أخيه بركات لقلة عسكره ، فعاد السيد بركات إلى مكة ، واستمر بها إلى جمادى الثانية عام سبع ـ بتقديم السين ـ وتسعمائة ، فوصل السيد هزاع من ينبع بعسكر عظيم وتحارب هو وأخوه بركات محاربة ثانية بمحل يقال له طرف البرقاء (٢) فانهزم السيد بركات.
ثم وليها السيد هزاع ثانيا ، واستمر إلى خامس عشر رجب ثم توفى إلى رحمة الله تعالى(٣).
ثم عاد السيد بركات إلى مكة ، واستمرت الفتن والشرور بينه وبين أخيه السيد أحمد جازان وتحاربا مرارا ، وكان ابتداء ذلك من أواخر ذى الحجة عام سبع وتسعمائة ، إلى أن كان يوم السبت الخامس والعشرين من شهر شوال عام ثمان وتسعمائة ، فوصل السيد جازان بعسكر كبير من ينبع من بنى إبراهيم وغيرهم ، ووقع الحرب بينه وبين أخيه السيد بركات ، فانهزم السيد بركات.
ثم وليها السيد جازان ودخل مكة فى يوم السبت المذكور ، ونهب عسكره مكة وفعلوا أفعالا قبيحة ، وانتهكوا حرمة البيت ، وجرى منهم على مكة وأهلها أمور شنيعة ليس هذا
__________________
(١) منائح الكرام ج ٣ ص ١٠٥.
(٢) تحرف فى المطبوع إلى : «البرفاء» بالفاء ، وصوابه من : د ، ومنائح الكرم ج ٣ ص ١١٠.
(٣) منائح الكرم ج ٣ ص ١١٠ ـ ١١١.