ولم أقف على أول من سن ذلك ، وسألت مؤرخى العصر فلم أجد عندهم علما بذلك.
ومن فضائل هذا المحل المبارك ما نقله الأزرقى عمن كان ساكنا به قبل أن تخرجه الخيزران أنه قال : والله لم يصبنا فيه منذ سكناه لا جائحة ولا حاجة حتى خرجنا منه فاشتد علينا الزمان (١). انتهى بمعناه.
وقد ذكر السهيلى أنه صلىاللهعليهوسلم ولد بالشّعب ، وقيل بالدار التى عند الصفا التى كانت لمحمد بن يوسف أخى الحجاج ، ثم بنتها زبيدة مسجدا لما حجت (٢). انتهى. وهو غريب.
ونقل مغلطاى فى «سيرته» ما ذكره السهيلى ، ثم قال ويقال ولد بالردم ، ويقال بعسفان. انتهى بمعناه (٣). وهو أغرب.
والمراد بالردم : ردم بنى جمح لا الذى بأعلى مكة لأن ذلك لم يكن إلا فى زمن عمر ابن الخطاب رضى الله عنه. ويعرف الآن بالمدعى ونسبة الأول لبنى جمح هو أنهم قتلوا وردم عليهم التراب هنالك (٤). ولم أقف على تعيين محله بمكة ولا رأيت من ذكره ، والمعروف المشهور فى مولده صلىاللهعليهوسلم هو الأول الذى بسوق الليل ، ولا اختلاف فيه عند أهل مكة.
ومنها : مولد السيدة فاطمة ابنة سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورضى عنها ، وهو فى دار أمها خديجة رضى الله عنها بمكة فى الزقاق المعروف بزقاق الحجر. وسماها الطبرى دار خزيمة بمعجمتين (٥).
قال الأزرقى : وهذه الدار كان يسكنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع خديجة ، وفيها ابتنى بها ، وولدت جميع أولادها ، وتوفيت بها ، ولم يزل النبى صلىاللهعليهوسلم ساكنا بها حتى هاجر إلى المدينة ، فاستولى عليها عقيل بن أبى طالب ، ثم اشتراها منه معاوية وهو خليفة فجعلها
__________________
(١) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ١٩٩.
(٢) الروض الأنف ج ١ ص ١٨٤.
(٣) الإشارة إلى سيرة المصطفى ورقة ٤.
(٤) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٣٢ ، الزهور المقتطفة ص ١٥٦.
(٥) القرى لقاصد أم القرى ص ٦٦٤.