فضائله ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ، أنه ما مطرت مكة قط إلا كان للخندمة عزة ، وذلك أن فيه قبر سبعين نبيا أخرجه الفاكهى (١). والله أعلم بصحته.
وفيه يقول القائل فى يوم الفتح :
إنّك لو شهدت يوم الخندمه |
|
إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمه |
الأبيات المشهورة (٢) :
ومنها : جبل حراء وهو ممدود ، فمن ذكّره صرفه ، ومن أنّثه منعه من الصرف ، ويسمى جبل النور ـ بالنون ـ وكأن ذلك لكثرة مجاورة النبى صلىاللهعليهوسلم وتعبده فيه وما خصه الله به فيه من الإكرام بالرسالة ونزول الوحى عليه فى الغار الذى بأعلاه كما فى «صحيح البخارى» حتى فجأه الحق ، وهو فى غار حراء. وهو معروف مشهور يأثره الخلف عن السلف ويقصده الناس بالزيارة (٣).
ذكر الأزرقى أن النبى صلىاللهعليهوسلم اختبأ فيه من المشركين (٤). وكذا ذكره الفاكهى ، قال أيضا : والمعروف أن النبى صلىاللهعليهوسلم لم يختبئ من المشركين إلا فى غار ثور. لكن يتأيد ما ذكر بما قاله القاضى عياض والسهيلى فى روضه : أن قريشا حين طلبوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان على ظهر ثبير. فقال له : اهبط عنى يا رسول الله ، فإنى أخاف أن تقتل وأنت على ظهرى ، فيعذبنى الله تعالى. فناداه حراء : إلىّ رسول الله.
وجمع القاضى تقى الدين رحمهالله ، فقال : إن صح اختفاؤه صلىاللهعليهوسلم بحراء ، فهو غير اختفائه بثور (٥) ، والله أعلم.
فيكون فى حراء أولا ، وفى ثور حين الهجرة. وذكر بعض العلماء أن السّرّ فى كونهصلىاللهعليهوسلم لازم التعبد فيه دون غيره من الجبال من حيث أن فيه فضلا زائدا منه أن يكون فيه منزويا مجموعا لتعبده ، وهو يشاهد بيت ربه ، والنظر إلى البيت عبادة ، فحصل له اجتماع
__________________
(١) أخبار مكة للفاكهى ج ٤ ص ١٣٤.
(٢) انظر فى هذه الأبيات : أخبار مكة للفاكهى ج ٤ ص ١٣٦.
(٣) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٤٧.
(٤) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٢٨٨.
(٥) شفاء الغرام ج ١ ص ٤٨٨.