يوم سابعه. قال لأمه : إنى أحب أن أطوف بالكعبة سبعا نهارا. فقالت : أرانى إنى أخاف سفهاء قريش فقال : أرجو السلامة. فأذنت له فولى فى صورة جان فلما أدبر جعلت تعوذه تقول :
* أعيذك بالكعبة المستوره* |
|
* ودعوات ابن أبى محذوره* |
* وما تلا محمد من سوره* |
|
* إنى إلى حياته (١) فقيره* |
* وإنى بعيشه مسروره (٢) * |
ثم مضى فطاف سبعا وصلى خاف المقام ركعتين ، ثم أقبل راجعا حتى إذا كان ببعض دور بنى سهم عرض له شاب من بنى سهم أحمر أزرق أحول أعسر فقتله فثارت بمكة غبرة حتى لم تر الجبال. فقال أبو الطفيل : وبلغنا أن الغبرة إنما تثور كذلك عند موت عظيم من الجان. قال : فأصبح كثير من بنى سهم موتى على فرشهم من قبل الجان ، فنهضت بنو سهم وحلفاؤها ومواليها وعبيدها فركبوا الجبال والشعاب بالثنية فما تركوا حية ولا عقربا ولا شيئا من الهوام يدب على وجه الأرض إلا قتلوه ، وأقاموا على ذلك ثلاثا ، فسمعوا فى الليلة الثالثة هاتفا على أبى قبيس يهتف بصوت جهورى يسمعه من بين الجبلين : يا معشر قريش الله الله ، فإن لكم أحلاما وعقولا ، اعذرونا من بنى سهم ، قد قتلوا منا أضعاف ما قتلنا منهم ، ادخلوا بيننا وبينهم بصلح ، نعطيهم ويعطونا العهد والميثاق أن لا يعود بعضنا لبعض بسوء أبدا. ففعلت قريش ذلك واستوثق البعض من البعض ، فسميت بنو سهم الغياطلة (٣) قتلة الجن لذلك (٤).
(ومنها) أن الله تبارك وتعالى وعد هذا البيت أن يحجه كل سنة ستمائة ألف ، فإن
__________________
(١) فى المطبوع : «خبوته» والمثبت رواية الأزرقى والأسدى.
(٢) من قوله : «أعيذك» إلى «مسروره» ورد نثرا فى المطبوع ، ومثله لدى الأزرقى ج ٢ ص ١٦ ، وورد شعرا فى المخطوط وكذا لدى الأسدى فى إخبار الكرام ص ١٠٧ ، وقد آثرت رواية المخطوط والأسدى والشعر هنا من الرجز.
(٣) فى المطبوع : «العباطلة» وهو تحريف صوابه لدي الأزرقى وسموا بالغياطلة لأن أمهم الغيطلة.
(٤) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ١٥ ..