ايدمر الخطيريّ : الأمير عز الدين ، مملوك شرف الدين أوحد بن الخطيريّ ، الأمير مسعود بن خطير ، انتقل إلى الملك الناصر محمد بن قلاون فرقاه حتى صار أحد أمراء الألوف ، بعد ما حبسه بعد مجيئه من الكرك إلى مصر مدّة ، ثم أطلقه وعظم مقداره إلى أن بقي يجلس رأس الميسرة ومعه أمرة مائة وعشرين فارسا ، وكان لا يمكنه السلطان من المبيت في داره بالقاهرة ، فينزل إليها بكرة ويطلع إلى القلعة بعد العصر كذا أبدا ، فكانوا يرون ذلك تعظيما له ، وكان منوّر الشيبة كريما يحب التزوّج الكثير والفخر ، بحيث أنه لما زوّج السلطان ابنته بالأمير قوصون ضرب دينارين وزنهما أربعمائة مثقال ذهبا ، وعشرة آلاف درهم فضة برسم نقوط امرأته في العرس إذا طلعت إلى زفاف ابنة السلطان على قوصون ، وقيل له مرّة هذا السّكّر الذي يعمل في الطعام ما يضرّ أن يعمل غير مكرّر ، فقال لا يعمل إلّا مكرّرا ، فإنه يبقى في نفسي أنه غير مكرّر ، وكان لا يلبس قباء مطرّزا ولا مصقولا ، ولا يدع أحدا عنده يلبس ذلك ، وكان يخرج الزكاة ، وانشأ بجانب هذا الجامع ربعا كبيرا تنافس الناس في سكناه ، ولم يزل على حاله حتى مات يوم الثلاثاء مستهلّ شهر رجب سنة سبع وثلاثين وسبعمائة ، ودفن بتربته خارج باب النصر ، ولم يزل هذا الجامع مجمعا يقصده سائر الناس للتنزه فيه على النيل ، ويرغب كل أحد في السكنى بجواره ، وبلغت الأماكن التي بجواره من الأسواق والدور الغاية في العمارة ، حتى صار ذلك الخط أعمر أخطاط مصر وأحسنها ، فلما كانت سنة ست وثمانمائة انحسر ماء النيل عما تجاه جامع الخطيريّ ، وصار رملة لا يعلوها الماء إلّا في أيام الزيادة ، وتكاثر الرمل تحت شبابيك الجامع ، وقربت من الأرض بعد ما كان الماء تحته لا يكاد يدرك قراره ، وهو الآن عامر ، إلّا أن الاجتماعات التي كانت فيه قبل انحسار النيل عما قبالته قلت ، واتضع حال ما يجاوره من السوق والدور ، ولله عاقبة الأمور.
جامع قيدان
هذا الجامع خارج القاهرة على جانب الخليج الشرقيّ ظاهر باب الفتوح مما يلي قناطر الإوز تجاه أرض البعل ، كان مسجدا قديم البناء فجدّده الطواشي بهاء الدين قراقوش الأسدي في محرّم سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، وجدّد حوض السبيل الذي فيه ، ثم إن الأمير مظفر الدين قيدان الروميّ عمل به منبرا لإقامة الخطبة يوم الجمعة ، وكان عامرا بعمارة ما حوله ، فلما حدث الغلاء في سنة ست وسبعين وسبعمائة ، أيام الملك الأشرف شعبان بن حسين خرب كثير من تلك النواحي ، وبيعت أنقاضها ، وكانت الغرقة أيضا ، فصار ما بين القنطرة الجديدة المجاورة لسوق جامع الظاهر ، وبين قناطر الأوز المقابلة لأرض البعل يبابا لا عامر له ولا ساكن فيه ، وخرب أيضا ما وراء ذلك من شرقيه إلى جامع نائب الكرك ، وتعطل هذا الجامع ولم يبق منه غير جدر آئلة إلى العدم ، ثم جدّده مقدّم بعض المماليك السلطانية في