اصدولين ، أي مجمع المرضى ، وأوّل من بنى المارستان في الإسلام ودار المرضى الوليد بن عبد الملك ، وهو أيضا أوّل من عمل دار الضيافة ، وذلك في سنة ثمان وثمانين ، وجعل في المارستان الأطباء وأجرى لهم الأرزاق ، وأمر بحبس المجذمين لئلا يخرجوا ، وأجرى عليهم ، وعلى العميان الأرزاق. وقال جامع السيرة الطولونية : وقد ذكر بناء جامع ابن طولون وعمل في مؤخره ميضأة وخزانة شراب ، فيها جميع الشرابات والأدوية ، وعليها خدم ، وفيها طبيب جالس يوم الجمعة لحادث يحدث للحاضرين للصلاة.
مارستان ابن طولون
هذا المارستان موضعه الآن في أرض العسكر ، وهي الكيمان والصحراء التي فيما بين جامع ابن طولون وكوم الجارح ، وفيما بين قنطرة السدّ التي على الخليج ظاهر مدينة مصر ، وبين السور الذي يفصل بين القرافة وبين مصر. وقد دثر هذا المارستان في جملة ما دثر ولم يبق له أثر. وقال أبو عمر الكنديّ في كتاب الأمراء : وأمر أحمد بن طولون أيضا ببناء المارستان للمرضى ، فبني لهم في سنة تسع وخمسين ومائتين. وقال جامع السيرة الطولونية : وفي سنة إحدى وستين ومائتين بنى أحمد بن طولون المارستان ، ولم يكن قبل ذلك بمصر مارستان ، ولما فرغ منه حبس عليه دار الديوان ودوره في الأساكفة والقيسارية وسوق الرقيق ، وشرط في المارستان أن لا يعالج فيه جنديّ ولا مملوك ، وعمل حمّامين للمارستان ، إحداهما للرجال والأخرى للنساء ، حبسهما على المارستان وغيره ، وشرط أنه إذا جيء بالعليل تنزع ثيابه ونفقته وتحفظ عند أمين المارستان ، ثم يلبس ثيابا ويفرش له ويغدى عليه ويراح بالأدوية والأغذية والأطباء حتى يبرأ ، فإذا أكل فرّوجا ورغيفا أمر بالانصراف وأعطي ماله وثيابه ، وفي سنة اثنتين وستين ومائتين كان ما حبسه على المارستان والعين والمسجد في الجبل الذي يسمى بتنور فرعون ، وكان الذي أنفق على المارستان ومستغله ستين ألف دينار ، وكان يركب بنفسه في كل يوم جمعة ويتفقد خزائن المارستان وما فيها والأطباء ، وينظر إلى المرضى وسائر الأعلّاء والمحبوسين من المجانين ، فدخل مرّة حتى وقف بالمجانين ، فناداه واحد منهم مغلول : أيّها الأمير اسمع كلامي ، ما أنا بمجنون ، وإنما عملت عليّ حيلة ، وفي نفسي شهوة رمانة عريشية أكبر ما يكون ، فأمر له بها من ساعته ، ففرح بها وهزها في يده ورازها ثم غافل أحمد بن طولون ورمى بها في صدره ، فنضحت على ثيابه ، ولو تمكنت منه لأتت على صدره ، فأمرهم أن يحتفظوا به ، ثم لم يعاود بعد ذلك النظر في المارستان.
مارستان كافور
هذا المارستان بناه كافور الإخشيديّ ، وهو قائم بتدبير دولة الأمير أبي القاسم أنوجور بن محمد الإخشيد بمدينة مصر في سنة ست وأربعين وثلاثمائة.