الذي تمم زيادة عبد الله بن طاهر بعد مسيره إلى بغداد ، عيسى بن يزيد الجلوديّ ، وتكامل ذرع الجامع ، سوى الزيادتين ، مائة وتسعين ذراعا بذراع العمل طولا ، في مائة وخمسين ذراعا عرضا. ويقال أنّ ذرع جامع ابن طولون مثل ذلك سوى الرواق المحيط بجوانبه الثلاثة. ونصب عبد الله بن طاهر اللوح الأخضر ، فلما احترق الجامع احترق ذلك اللوح ، فجعل أحمد بن محمد العجيفيّ هذا اللوح مكان ذلك ، وهو هذا اللوح الأخضر الباقي إلى اليوم ، ورحبة الحارث هي الرحبة البحرية من زيادة الخازن ، وكانت رحبة يتبايع الناس فيها يوم الجمعة ، وذكر أبو عمر الكنديّ في كتاب الموالي : أن أبا عمرو الحارث بن مسكين بن محمد بن يوسف مولى محمد بن ريان بن عبد العزيز بن مروان ، لما ولي القضاء من قبل المتوكل على الله في سنة سبع وثلاثين ومائتين ، أمر ببناء هذه الرحبة ليتسع الناس بها ، وحوّل سلّم المؤذنين إلى غربيّ المسجد ، وكان عند باب إسرائيل ، وبلّط زيادة بن طاهر ، وأصلح بنيان السقف ، وبنى سقاية في الحذائين ، وأمر ببناء الرحبة الملاصقة لدار الضرب ليتسع الناس بها ، وزيادة أبي أيوب أحمد بن محمد بن شجاع ابن أخت أبي الوزير أحمد بن خالد ، صاحب الخراج في أيام المعتصم ، كان أبو أيوب هذا أحد عمال الخراج زمن أحمد بن طولون ، وزيادته في بقية الرحبة المعروفة برحبة أبي أيوب. والمحراب المنسوب إلى أبي أيوب هو الغربيّ من هذه الزيادة عند شباك الحذائين ، وكان بناؤها في سنة ثمان وخمسين ومائتين ، ويقال أن أبا أيوب مات في سجن أحمد بن طولون بعد أن نكبه واصطفى أمواله ، وذلك في سنة ست وستين ومائتين ، وأدخل أبو أيوب في هذه الزيادة أماكن ذكرها. قال : وكان قد وقع في مؤخر المسجد الجامع حريق ، فعمر وزيدت هذه الزيادة في أيام أحمد بن طولون ، ووقع في الجامع في ليلة الجمعة لتسع خلون من صفر سنة خمس وسبعين ومائتين ، حريق أخذ من بعد ثلاث حنايا من باب إسرائيل إلى رحبة الحارث بن مسكين ، فهلك فيه أكثر زيادة عبد الله بن طاهر والرواق الذي عليه اللوح الأخضر ، فأمر خمارويه بن أحمد بن طولون بعمارته على يد أحمد بن محمد العجيفيّ ، فأعيد على ما كان عليه ، وأنفق فيه ستة آلاف وأربعمائة دينار ، وكتب اسم خمارويه في دائر الرواق الذي عليه اللوح الأخضر ، وهي موجودة الآن ، وكانت عمارته في السنة المذكورة. وأمر عيسى النوشزي في ولايته الثانية على مصر ، في سنة أربع وتسعين ومائتين ، بإغلاق المسجد الجامع فيما بين الصلوات ، فكان يفتح للصلاة فقط ، وأقام على ذلك أياما ، فضجّ أهل المسجد ففتح لهم.
وزاد أبو حفص العباسيّ في أيام نظره في قضاء مصر ، خلافة لأخيه محمد ، الغرفة التي يؤذن فيها المؤذنون في السطح ، وكانت ولايته في رجب من سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وكان إمام مصر والحرمين ، وإليه إقامة الحج ، ولم يزل قاضيا بمصر خلافة لأخيه إلى أن صرف من القضاء بالخصيبيّ ، في ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة وتوفي في سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة بعد قدومه من الحج ، ثم زاد فيه أبو بكر محمد بن عبد الله الخازن