دينار درهما ، ومن التجار والمتعيشين في مصر والقاهرة من كل واحد عشرة دراهم إلى خمسة دراهم إلى درهم ، ومن أصحاب الأملاك والدور في مصر والقاهرة على كل قاعة ثلاثة دراهم ، وعلى كل طبقة درهمين ، وعلى كل مخزن أو اصطبل درهما ، وجعل المستخرج في خان مسرور بالقاهرة ، والمشدّ على المستخرج الأمير بيلك ، فجبى مال كبير ، وأما استدمر فإن أحوال الدولة توقفت في أيامه ، فسأل في الإعفاء فأعفي وأعيد منجك إلى الوزارة بعد أربعين يوما ، وقد تمنع تمنعا كبيرا ، ولما عاد إلى الوزارة فتح باب الولايات بالمال ، فقصده الناس وسعوا عنده ، فولى وعزل وأخذ في ذلك مالا كثيرا. فيقال أنه أخذ من الأمير مازان لما نقله من المنوفية إلى الغربية ، ومن ابن الغسانيّ لما نقله من الأشمونين إلى البهنساوية ، ومن ابن سلمان لما ولاه منوف ستة آلاف دينار ، ووفر إقطاع شادّ الدواوين وجعله باسم المماليك السلطانية ، ووفر جوامكهم ورواتبهم ، وشرع أوباش الناس في السعي عنده في الوظائف والمباشرات بمال ، وأتوه من البلاد فقضى أشغالهم ولم يردّ أحدا طلب شيئا ، ووقع في أيامه الفناء العظيم ، فانحلت إقطاعات كثيرة ، فاقتضى رأي الوزير أن يوفر الجوامك والرواتب التي للحاشية ، وكتب لسائر أرباب الوظائف وأصحاب الأشغال والمماليك السلطانية مثالات بقدر جوامك كل منهم ، وكذلك لأرباب الصدقات ، فأخذ جماعة من الأقباط ومن الكتاب ومن الموقعين إقطاعات في نظير جوامكهم ، وتوفر في الدولة مال كبير عن الجوامك والرواتب.
ولما دخلت سنة خمسين رسم الأمير منجك الوزير لمتولي القاهرة بطلب أصحاب الأرباع ، وكتابة جميع أملاك الحارات والأزقة ، وسائر أخطاط مصر والقاهرة ، ومعرفة أسماء سكانها ، والفحص عن أربابها ليعرف من توفر عنه ملك بموته في الفناء ، فطلبوا الجميع وأمعنوا في النظر ، فكان يوجد في الحارة الواحدة والزقاق الواحد ما يزيد على عشرين دارا خالية لا يعرف أربابها ، فختموا على ما وجدوه من ذلك ومن الفنادق والخانات والمخازن حتى يحضر أربابها. وفي شعبان عزل ولاة الأعمال وأحضرهم إلى القاهرة ، وولى غيرهم وأضاف إلى كل وال كشف الجسور التي في عمله ، وضمن الناس سائر جهات القاهرة ومصر ، بحيث أنه لا يتحدّث أحد معه من المقدّمين والدواوين والشادّين ، وزاد في المعاملات ثلاثمائة ألف درهم ، وخلع عليه ونودي له بمصر والقاهرة ، فاشتدّ ظلمه وعسفه وكثرت حوادثه. فلما كانت ليالي عيد الفطر ، عرّف الوزير الأمراء أن سماط العيد ينصرف عليه جملة ولا ينتفع به أحد ، فأبطله ولم يعمل تلك السنة. وفي ذي القعدة توقف حال الدولة ووقف مماليك السلطان وسائر المعاملين والحوائجكاشية ، وانزعج السلطان والأمراء بسبب ذلك على الوزير ، فاحتج بكثرة الكلف ، وطلب الموفق ناظر الدولة فقال : إن الإنعامات قد كثرت والكلف تزايدت ، وقد كانت الحوائجخاناه في أيام الملك الناصر محمد بن قلاون في اليوم ينصرف فيها مبلغ ثلاثة عشر ألف درهم ، واليوم ينصرف فيها اثنان