وعشرون ألف درهم ، فكتبت أوراق بمتحصل الدولة ومصروفها ، وبمتحصل الخاص ومصروفه ، فجاءت أوراق الدولة ومتحصلها عشرة آلاف ألف درهم ، وكلفها أربعة عشر ألف ألف درهم وستمائة ألف درهم ، ووجد الأنعام من الخاص والجيش بما خرج من البلاد زيادة على إقطاعات الأمراء ، فكان زيادة على عشرين ألف دينار سوى جملة من الغلال ، وأن الذي استجدّ على الدولة من حين وفاة الملك الناصر في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين إلى مستهل المحرّم سنة خمسين وسبعمائة. وكانت جملة الإنعامات والإقطاعات بنواحي الصعيد والفيوم وبلاد الملك والوجه البحريّ وما أعطى من الرزق للخدّام والجواري سبعمائة ألف ألف وألف ألف وستمائة ألف ، معينة بأسماء أربابها من أمير وخادم وجارية ، وكانت النساء قد أسرفن في عمل القمصان والبغالطيق ، حتى كان يفضل من القميص كثير على الأرض ، وسعة الكم ثلاثة أذرع ، ويسمينه البهطلة ، وكان يغرم على القميص ألف درهم وأكثر ، وبلغ إزار المرأة إلى ألف درهم ، وبلغ الخف والسرموزة إلى خمسمائة درهم ، وما دونها إلى مائة درهم. فأمر الوزير منجك بقطع أكمام النساء وأخرق بهنّ ، وأمر الوالي بتتبع ذلك ، ونودي بمنع النساء من عمل ذلك ، وقبض على جماعة منهنّ ، وركب على سور القاهرة صور نساء عليهنّ تلك القمصان بهيئة نساء قد قتلن عقوبة على ذلك ، فانكففن عن لبسها ، ومنع الأساكفة من عمل الأخفاف المثمنة ، ونودي في القياسر من باع إزار حرير ماله للسلطان ، فنودي على إزار ثمنه سبعمائة وعشرون درهما فبلغ ثمانين درهما ولم يجسر أحد أن يشتريه ، وبالغ الوزير في الفحص عن ذلك حتى كشف دكاكين غسالي الثياب وقطع ما وجد من ذلك ، فامتنع النساء من لبس ما أحدثنه من تلك المنكرات ، ولما عظم ضرر الفار أيضا من كثرة شكاية الناس فيه ، فلم يسمع فيه الوزير قولا ، وقام في أمره الأمير مغلطاي أميراخور ، فاستوحش منه الوزير ، واتفق أنه كان قد حج محمد بن يوسف مقدّم الدولة في محمل كبير بلغ عليق جماله في اليوم مائتي عليقة ، ولما قدم في المحرّم مع الحاج أهدى للنائب وللوزير وللأمير طاز وللأمير صرغتمش هدايا جليلة ، ولم يهد للأمير شيخو ، ولا للأمير مغلطاي شيئا ، ثم لما عاب عليه الناس ذلك أهدى بعد عدّة أيام للأمير شيخو هديه فردّها عليه ، ثم أنه أنكر على الوزير في مجلس السلطان ما يفعله ولاة البر وما عليه مقدّم الدولة من كثرة المال ، وأغلظ في القول ، فرسم بعزل الولاة والقبض على المقدّم محمد بن يوسف وابن عمه المقدّم أحمد بن زيد ، فلم يسع الوزير غير السكوت.
فلما كان في رابع عشري شوّال سنة إحدى وخمسين ، قبض على الوزير منجك وقيد ووقعت الحوطة على سائر حواصله ، فوجدت له زردخاناه حمل خمسين جملا ، ولم يظهر من النقد كثير مال ، فأمر بعقوبته. فلما خوّف أقرّ بصندوق فيه جوهر وقال : سائر ما كان يتحصل لي من النقد كنت اشتري به أملاكا وضياعا وأصناف المتاجر ، فأحيط بسائر أمواله وحمل إلى الإسكندرية مقيدا ، واستقرّ الأمير بلبان السنانيّ نائب الكبيرة أستادارا عوض منجك