قال مؤلفه رحمهالله : ولم تزل هذه المنطقة الفضة إلى أن استبدّ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على مملكة مصر ، بعد موت الخليفة العاضد لدين الله ، في محرّم سنة سبع وستين وخمسمائة ، فقلع مناطق الفضة من الجوامع بالقاهرة ، ومن جامع عمرو بن العاص بمصر ، وذلك في حادي عشر شهر ربيع الأوّل من السنة المذكورة.
قال القضاعيّ : وفي شهر رمضان من سنة أربعين وأربعمائة جدّدت الخزانة التي في ظهر دار الضرب في طريق الشرطة ، مقابلة لظهر المحراب الكبير ، وفي شعبان من سنة إحدى وأربعين وأربعمائة أذهب بقية الجدار القبليّ حتى اتصل الإذهاب من جدار زيادة الخازن إلى المنبر ، وجرى ذلك على يد القاضي أبي عبد الله أحمد بن محمد بن يحيى بن أبي زكريا.
وفي شهر ربيع الآخر من سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة ، عملت لموقف الإمام في زمن الصيف مقصورة خشب ومحراب ساج منقوش بعمودي صندل ، وتقلع هذه المقصورة في الشتاء إذا صلّى الإمام في المقصورة الكبيرة.
وفي شعبان سنة أربع وأربعين وأربعمائة ، زيد في الخزانة مجلس من دار الضرب ، وطريق المستحم ، وزخرف هذا المجلس وحسّن ، وجعل فيه محراب ورخّم بالرخام الذي قلع من المحراب الكبير حين نصب عبد الله بن محمد بن عبدون منطقة الفضة في صدر المحراب الكبير ، وجرت هذه الزيادة على يد القاضي أبي عبد الله أحمد بن محمد بن يحيى.
وفي ذي الحجة من سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة ، عمر القاضي أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أبي زكريا غرفة المؤذنين بالسطح ، وحسّنها وجعل لها روشنا على صحن الجامع ، وجعل بعدها ممرقا ينزل منه إلى بيت المال ، وجعل للسطح مطلعا من الخزانة المستجدّة في ظهر المحراب الكبير ، وجعل له مطلعا آخر من الديوان الذي في رحبة أبي أيوب.
وفي شعبان من سنة خمس وأربعين وأربعمائة ، بنيت المئذنة التي فيما بين مئذنة غرفة والمئذنة الكبيرة ، على يد القاضي أبي عبد الله أحمد بن زكريا. انتهى ما ذكره القضاعيّ.
وفي سنة أربع وستين وخمسمائة تمكن الفرنج من ديار مصر وحكموا في القاهرة حكما جائرا ، وركبوا المسلمين بالأذى العظيم ، وتيقنوا أنه لا حامي للبلاد من أجل ضعف الدولة ، وانكشفت لهم عورات الناس ، فجمع مري ملك الفرنج بالساحل جموعه ، واستجدّ قوما قوّى بهم عساكره ، وسار إلى القاهرة من بلبيس بعد أن أخذها وقتل كثيرا من أهلها ، فأمر شاور بن مجير السعديّ وهو يومئذ مستول على ديار مصر وزارة للعاضد بإحراق مدينة مصر ، فخرج إليها في اليوم التاسع من صفر من السنة المذكورة عشرون ألف قارورة نفط ،