تلويح المسافر ، ثم يأمرهم أن يخرجوا إلى طريق المدينة بمصر ، ثم يرسلون رسلا يخبرون بهم الناس ليلقوهم ، وقد أمرهم إذا لقيهم الناس أن يقولوا ليس عندنا خبر الخبر في الكتب ، فيجيء رسول أولئك الذين دس فيذكر مكانهم فيتلقاهم ابن أبي حذيفة والناس يقولون : نتلقى رسل أزواج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإذا لقوهم قالوا لهم ما الخبر؟ قالوا : لا خبر عندنا ، عليكم بالمسجد ليقرأ عليكم كتاب أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، فيجتمع الناس في المسجد اجتماعا ليس فيه تقصير ، ثم يقوم القارئ بالكتاب فيقول : إنا نشكو إلى الله وإليكم ما عمل في الإسلام وما صنع في الإسلام ، فيقوم أولئك الشيوخ من نواحي المسجد بالبكاء فيبكون ، ثم ينزل عن المنبر ويتفرّق الناس بما قريء عليهم.
فلما رأت ذلك شيعة عثمان رضياللهعنه اعتزلوا محمد بن أبي حذيقة ونابذوه ، وهم معاوية بن خديج ، وخارجة بن حذاقة ، وبسر بن أرطاة ، ومسلمة بن مخلد ، وعمرو بن قحزم الخولانيّ ، ومقسم بن بجرة ، وحمزة بن سرح بن كلال ، وأبو الكنود سعد بن مالك الأزديّ ، وخالد بن ثابت الفهميّ ، في جمع كثير وبعثوا سلمة بن مخزمة التجيبيّ إلى عثمان ليخبره بأمرهم وبصنيع ابن أبي حذيفة ، فبعث عثمان رضياللهعنه سعد بن أبي وقاص ليصلح أمرهم ، فبلغ ذلك ابن أبي حذيفة فخطب الناس وقال : ألا إن الكذا والكذا قد بعث إليكم سعد بن مالك ليقلّ جماعتكم ويشتت كلمتكم ويوقع التجادل بينكم ، فانفروا إليه ، فخرج منهم مائة أو نحوها ، وقد ضرب فسطاطه وهو قائل : فقلبوا عليه فسطاطه وشجوه وسبوه ، فركب راحلته وعاد راجعا من حيث جاء. وقال: ضربكم الله بالذلّ والفرقة ، وشتت أمركم ، وجعل بأسكم بينكم ، ولا أرضاكم بأمير ، ولا أرضاه عنكم. وأقبل عبد الله بن سعد حتى بلغ جسر القلزم ، فإذا بخيل لابن أبي حذيفة ، فمنعوه أن يدخل فقال : ويلكم دعوني أدخل على جندي فأعلمهم بما جئت به ، فإني قد جئتهم بخير. فأبوا أن يدعوه فقال : والله لوددت أني دخلت عليهم وأعلمتهم بما جئت به ثم مت ، فانصرف إلى عسقلان. وأجمع محمد بن أبي حذيفة على بعث جيش إلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضياللهعنه فقال : من يتشرّط في هذا البعث؟ فكثر عليه من يشترط. فقال : إنما يكفينا منكم ستمائة رجل ، فشرّط من أهل مصر ستمائة رجل على كل مائة منهم رئيس وعلى جماعتهم عبد الرحمن بن عديس البلويّ ، وهم كنانة بن بشر بن سليمان التجيبيّ ، وعروة بن سليم الليثيّ ، وأبو عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعيّ ، وسودان بن ريان الأصبحيّ ، وذرع بن يشكر النافعيّ ، وسجن رجال من أهل مصر في دورهم منهم : فلما بلغ ذلك كنانة بن بشر وكان رأس الشيعة الأولى ، دفع عن معاوية ما كره ، ثم قتل عثمان رضياللهعنه في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ، فدخل الركب إلى مصر وهم يرتجزون :
خذها إليك وأحذرنّ أبا الحسن