الطراز بظاهر المدرسة والقبة ، وعمل خمية تظل الأقفاص طولها مائة ذراع ، قام بذلك من ماله دون مال الوقف ، ونقل أيضا حوض ماء كان برسم شرب البهائم من جانب باب المارستان وأبطله لتاذي الناس بنتن رائحة ما يجتمع قدّامه من الأوساخ ، وأنشأ سبيل ماء يشرب منه الناس عوض الحوض المذكور ، وقد تورّع طائفة من أهل الديانة عن الصلاة في المدرسة المنصورية والقبة ، وعابوا المارستان لكثرة عسف الناس في عمله ، وذلك أنه لما وقع اختيار السلطان على عمل الدار القطبية مارستانا ندب الطواشي حسام الدين بلالا المغيثيّ للكلام في شرائها ، فساس الأمر في ذلك حتى أنعمت مؤنسة خاتون ببيعها على أن تعوّض عنها بدار تلمها وعيالها ، فعوّضت قصر الزمرّذ برحبة باب العيد مع مبلغ مال حمل إليها ، ووقع البيع على هذا ، فندب السلطان الأمير سنجر الشجاعيّ للعمارة ، فأخرج النساء من القطبية من غير مهلة ، وأخذ ثلاثمائة أسير وجمع صناع القاهرة ومصر وتقدّم إليهم بأن يعملوا بأجمعهم في الدار القطبية ، ومنعهم أن يعملوا لأحد في المدينتين شغلا ، وشدّد عليهم في ذلك ، وكان مهابا ، فلازموا العمل عنده ، ونقل من قلعة الروضة ما احتاج إليه من العمد الصوّان والعمد الرخام والقواعد والأعتاب والرخام البديع وغير ذلك ، وصار يركب إليها كلّ يوم وينقل الأنقاض المذكورة على العجل إلى المارستان ، ويعود إلى المارستان فيقف مع الصناع على الأساقيل حتى لا يتوانوا في عملهم ، وأوقف مماليكه بين القصرين ، فكان إذا مرّ أحد ولو جلّ ألزموه أن يرفع حجرا ويلقيه في موضع العمارة ، فينزل الجنديّ والرئيس عن فرسه حتى يفعل ذلك ، فترك أكثر الناس المرور من هناك ، ورتبوا بعد الفراغ من العمارة ، وترتيب الوقف فتيا صورتها ما يقول أئمة الدين في موضع أخرج أهله منه كرها ، وعمر بمستحثين يعسفون الصناع ، وأخرب ما عمره الغير ونقل إليه ما كان فيه فعمر به ، هل تجوز الصلاة فيه أم لا ، فكتب جماعة من الفقهاء لا تجوز فيه الصلاة ، فما زال المجد عيسى بن الخشاب حتى أوقف الشجاعيّ على ذلك ، فشق عليه ، وجمع القضاة ومشايخ العلم بالمدرسة المنصورية وأعلمهم بالفتيا فلم يجبه أحد منهم بشيء سوى الشيخ محمد المرجانيّ فإنه قال : أنا أفتيت بمنع الصلاة فيها ، وأقول الآن أنه يكره الدخول من بابها ، ونهض قائما فانفض الناس. واتفق أيضا أن الشجاعيّ ما زال بالشيخ محمد المرجانيّ ، يلح في سؤاله أن يعمل ميعاد وعظ بالمدرسة المنصورية حتى أجاب بعد تمنع شديد ، فحضر الشجاعيّ والقضاة ، وأخذ المرجانيّ في ذكر ولاة الأمور من الملوك والأمراء والقضاة ، وذمّ من يأخذ الأراضي غصبا ، ويستحث العمال في عمائره وينقص من أجورهم وختم بقوله تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) [الفرقان / ٢٧] وقام ، فسأله الشجاعيّ الدعاء له فقال : يا علم الدين قد دعا لك ودعا عليك من هو خير مني ، وذكر قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «اللهمّ من ولى من أمر أمّتي