وكبس الشهور وخطأهم في العمل بذلك ، واعتمد على كشف زرع الشعير ، وأجمل القول في المسيح عيسى ابن مريم عليهالسلام ، وأثبت نبوّة نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقال : هو نبيّ أرسل إلى العرب ، إلّا أن التوراة لم تنسخ ، والحق أنه أرسل إلى الناس كافة صلىاللهعليهوسلم.
ذكر السمرة : اعلم أن طائفة السمرة ليسوا من بني إسرائيل البتة ، وإنما هم قوم قدموا من بلاد المشرق وسكنوا بلاد الشام وتهوّدوا ، ويقال أنهم من بني سامرك بن كفركا بن رمي ، وهو شعب من شعوب الفرس ، خرجوا إلى الشام ومعهم الخيل والغنم والإبل والقسيّ والنشاب والسيوف والمواشي ، ومنهم السمرة الذين تفرّقوا في البلاد. ويقال أن سليمان بن داود لما مات افترق ملك بني إسرائيل من بعده ، فصار رحبعم بن سليمان على سبط يهودا بالقدس ، وملك يربعم بن نياط على عشرة أسباط من بني إسرائيل ، وسكن خارجا عن القدس ، واتخذ عجلين دعا الأسباط العشرة إلى عبادتهما من دون الله إلى أن مات ، فوليّ ملك بني إسرائيل من بعده عدّة ملوك على مثل طريقته في الكفر بالله وعبادة الأوثان ، إلى أن ملكهم عمري بن نوذب من سبط منشا بن يوسف ، فاشترى مكانا من رجل اسمه شامر بقنطار فضة ، وبنى فيه قصرا وسماه باسم اشتقه من اسم شامر الذي اشترى منه المكان ، وصير حول هذا القصر مدينة وسماها مدينة شمرون ، وجعلها كرسيّ ملكه إلى أن مات ، فاتخذها ملوك بني إسرائيل من بعده مدينة للملك ، وما زالوا فيها إلى أن ولي هو شاع بن إيلا ، وهم على الكفر بالله ، وعبادة وثن بعل وغيره من الأوثان ، مع قتل الأنبياء ، إلى أن سلط الله عليهم سنجاريب ملك الموصل ، فحاصرهم بمدينة شمرون ثلاث سنين ، وأخذ هو شاع أسيرا وجلاه ومعه جميع من في شمرون من بني إسرائيل ، وأنزلهم بهراه وبلخ ونهاوند وحلوان ، فانقطع من حينئذ ملك بني إسرائيل من مدينة شمرون بعد ما ملكوا من بعد سليمان عليهالسلام مدّة مائتي سنة وإحدى وخمسين سنة ، ثم إن سنجاريب ملك الموصل نقل إلى شمرون كثيرا من أهل كوشا وبابل وحماه ، وأنزلهم فيها ليعمروها ، فبعثوا إليه يشكون من كثرة هجوم الوحش عليهم يشمرون ، فسير إليهم من علمهم التوراة ، فتعلموها على غير ما يجب ، وصاروا يقرءونها ناقصة أربعة أحرف ، الألف والهاء والخاء والعين ، فلا ينطقون بشيء من هذه الأحرف في قراءتهم التوراة ، وعرفوا بين الأمم بالسامرة لسكناهم بمدينة شمرون.
وشمرون هذه هي مدينة نابلس ، وقيل لها سمرون بسين مهملة ، ولسكانها سامرة ، ويقال معنى السمرة حفظة ونواطير ، فلم تزل السمرة بنابلس إلى أن غزا بخت نصر القدس وأجلى اليهود منه إلى بابل ، ثم عادوا بعد سبعين سنة وعمروا البيت ثانيا إلى أن قام الإسكندر من بلاد اليونان ، وخرج يريد غزو الفرس ، فمرّ على القدس وخرج منه يريد عمان ، فاجتاز على نابلس وخرج إليه كبير السمرة بها ، وهو سنبلاط السامريّ ، فأنزله وصنع له ولقوّاده وعظماء أصحابه صنيعا عظيما ، وحمل إليه أموالا جمة وهدايا جليلة ، واستأذنه