في بناء هيكل لله على الجبل الذي يسمى عندهم طوربريك ، فأذن له وسار عنه إلى محاربة دارا ملك الفرس ، فبنى سنبلاط هيكلا شبيها بهيكل القدس ، ليستميل به اليهود ، وموّه عليهم بأن طوربريك هو الموضع الذي اختاره الله تعالى وذكره في التوراة بقوله فيها : اجعل البركة على طوربريك ، وكان سنبلاط قد زوّج ابنته بكاهن من كهان بيت المقدس يقال له منشا ، فمقت اليهود منشا على ذلك ، وأبعدوه وحطوه عن مرتبته عقوبة له على مصاهرة سنبلاط ، فأقام سنبلاط منشا زوج ابنته كاهنا في هيكل طوربريك ، وآتته طوائف من اليهود وضلوا به ، وصاروا يحجون إلى هيكله في الأعياد ، ويقرّبون قرا بينهم إليه ، ويحملون إليه نذورهم وأعشارهم ، وتركوا قدس الله وعدلوا عنه فكثرت الأموال في هذا الهيكل ، وصار ضدّ البيت المقدس ، واستغنى كهنته وخدّامه وعظم أمر منشا وكبرت حالته. فلم تزل هذه الطائفة تحج إلى طور بريك حتى كان زمن هور قانوس بن شمعون الكوهن ، من بني حثمتاي في بيت المقدس ، فسار إلى بلاد السمرة ونزل على مدينة نابلس وحصرها مدّة وأخذها عنوة ، وخرّب هيكل طور بريك إلى أساسه ، وكانت مدّة عمارته مائتي سنة ، وقتل من كان هناك من الكهنة ، فلم تزل السمرة بعد ذلك إلى يومنا هذا تستقبل في صلاتها حيثما كانت من الأرض طور بريك بجبل نابلس ، ولهم عبادات تخالف ما عليه اليهود ، ولهم كنائس في كل بلد تخصهم ، والسمرة ينكرون نبوّة داود ومن تلاه من الأنبياء ، وأبوا أن يكون بعد موسى عليهالسلام نبيّ وجعلوا رؤساءهم من ولد هارون عليهالسلام ، وأكثرهم يسكن في مدنية نابلس ، وهم كثير في مدائن الشام ، ويذكر أنهم الذين يقولون لا مساس ، ويزعمون أن نابلس هي بيت المقدس ، وهي مدينة يعقوب عليهالسلام ، وهناك مراعيه.
وذكر المسعوديّ أن السمرة صنفان متباينان ، أحدهما يقال له الكوشان ، والآخر الروشان ، أحد الصنفين يقول بقدم العالم. والسامرة تزعم أن التوراة التي في أيدي اليهود ليست التوراة التي أوردها موسى عليهالسلام ويقولون توراة موسى حرّفت وغيّرت وبدّلت ، وأن التوراة هي ما بأيديهم دون غيرهم. وذكر أبو الريحان محمد بن أحمد البيروتيّ أنّ السامرة تعرف بالأمساسية. قال : وهم الأبدال الذين بدّلهم بخت نصر بالشام حين أسر اليهود وأجلاها ، وكانت السامرة أعانوه ودلوه على عورات بني إسرائيل ، فلم يحربهم ولم يقتلهم ولم يسبهم وأنزلهم فلسطين من تحت يده ، ومذاهبهم ممتزجة من اليهودية والمجوسية ، وعامّتهم يكونون بموضع من فلسطين يسمى نابلس ، وبها كنائسهم ، ولا يدخلون حدّ بيت المقدس منذ أيام داود النبي عليهالسلام ، لأنهم يدّعون إنه ظلم واعتدى وحوّل الهيكل المقدّس من نابلس إلى إيليا ، وهو بيت المقدس ، ولا يمسون الناس ، وإذا مسوهم اغتسلوا ، ولا يقرّون بنبوّة من كان بعد موسى عليهالسلام من أنبياء بني إسرائيل.
وفي شرح الإنجيل : إنّ اليهود انقسمت بعد أيام داود إلى سبع فرق.