سمعان ابن عمه أسقف القدس ، فمكث اثنتين وأربعين سنة أسقفا. ومات ، فتداول الأساقفة بعده الأسقفية بالقدس واحدا بعد آخر.
ولما أقام مرقص حناينا ويقال أناينو بطرك الإسكندرية ، جعل معه اثني عشر قسا وأمرهم إذا مات البطرك أن يجعلوا عوضه واحدا منهم ، ويقيموا بدل ذلك القس واحدا من النصارى حتى لا يزالوا أبدا اثني عشر قسا ، فلم تزل البطاركة تعمل من القسوس إلى أن اجتمع ثلاثمائة وثمانية عشر كما ستراه إن شاء الله تعالى ، وكان بطرك الإسكندرية يقال له البابا من عهد حنانيا هذا أوّل بطاركة الإسكندرية إلى أن أقيم ديمتريوس ، وهو الحادي عشر من بطاركة الإسكندرية ، ولم يكن بأرض مصر أساقفة ، فنصب الأساقفة بها وكثروا ، فغزاها في بطركيته هرقل ، وصار الأساقفة يسمون البطرك الأب ، والقسوس وسائر النصارى يسمون الأسقف الأب ، ويجعلون لفظة البابا تختص ببطرك الإسكندرية ، ومعناها أبو الآباء ، ثم انتقل هذا الاسم عن كرسي الإسكندرية إلى كرسي رومية ، من أجل أنه كرسي بطرس رأس الحواريين ، فصار بطرك رومية يقال له البابا ، واستمرّ على ذلك إلى زمننا الذي نحن فيه ، وأقام أناينو وهو حناينا في بطركية الإسكندرية اثنتين وعشرين سنة ومات في عشري هاتور ، سنة سبع وثمانين لظهور المسيح ، فأقيم بعده مينيو ، فأقام اثنتي عشرة سنة وتسعة أشهر ومات ، وفي أثناء ذلك ثار اليهود على النصارى وأخرجوهم من القدس ، فعبروا الأردن وسكنوا تلك الأماكن ، فكان بعد هذا بقليل خراب القدس وجلاية اليهود وقتلهم على يد طيطش. ويقال طيطوس ، بعد رفع المسيح بنحو أربع وأربعين سنة ، فكثرت النصارى في أيام بطركية مينيو وعاد كثير منهم إلى مدينة القدس بعد تخريب طيطش لها وبنوا بها كنيسة وأقاموا عليها سمعان أسقفا ، ثم أقيم بعد مينيو في الإسكندرية في البطركية كرتيانو ، وفي أيام الملك انديانوس قيصر أصاب النصارى منه بلاء كثير ، وقتل منهم جماعة كثيرة ، واستعبد باقيهم ، فنزل بهم بلاء لا يوصف في العبودية حتى رحمهم الوزراء وأكابر الروم وشفعوا فيهم ، فمنّ عليهم قيصر وأعتقهم ، ومات كرتيانو بطرك الإسكندرية في حادي عشر برمودة بعد ما دبر الكرسيّ إحدى عشرة سنة ، وكان حميد السيرة ، فقدم بعده ايريمو ، فأقام اثنتي عشرة سنة ، ومات في ثالث مسرى ، واشتدّ الأمر على النصارى في أيام الملك أريدويانوس وقتل منهم خلائق لا يحصى عددهم ، وقدم مصر فأفنى من بها من النصارى ، وخرّب ما بني في مدينة القدس من كنيسة النصارى ومنعهم من التردّد إليها ، وأنزل عوضهم بالقدس اليونانيين ، وسمى القدس إيليا ، فلم يتجاسر نصراني أن يدنو من القدس ، وأقيم بعد موت إيريمو بطرك الإسكندرية بسطس ، فأقام إحدى عشرة سنة ، ومات في ثاني عشر بؤنة ، فخلف بعده أرمانيون فأقام عشر سنين وأربعة أشهر ومات في عاشر بابة ، فأقيم بعده موقيانو بطرك الإسكندرية تسع سنين وستة أشهر ومات في سادس طوبه ، فقدم بعده على الإسكندرية كلوتيانو فأقام أربع عشرة سنة ومات في تاسع أبيب ، وفي أيامه اشتدّ الملك أوليانوس قيصر