مشاة بين يديه ، وكان يوما مشهودا.
وأخذ السلطان في تجهيز الخليفة ليسير إلى بغداد ، فرتب له الطواشي بهاء الدين صندلا الصالحيّ شرابيا ، والأمير سابق الدين بوزيا الصيرفيّ أتابكا ، والأمير جعفرا أستادارا ، والأمير فتح الدين بن الشهاب أحمد أمير جاندار ، والأمير ناصر الدين بن صيرم خازندار ، والأمير سيف الدين بلبان الشمسيّ وفارس الدين أحمد بن أزدمر اليغموريّ دوادارية ، والقاضي كمال الدين محمد السنجاريّ وزيرا ، وشرف الدين أبا حامد كاتبا ، وعين له خزانة وسلاحخاناه ومماليك عدّتهم نحو الأربعين ، منهم سلاحدارية وجمدارية وزردكاشية ورمحدارية ، وجعل له طشطخاناه وفراشخاناه وشرابخاناه ، وإماما ومؤذنا وسائر أرباب الوظائف ، واستخدم له خمسمائة فارس ، وكتب لمن قدم معه من العراق بإقطاعات ، وأذن له في الركوب والحركة حيث اختار ، وحضر الملك الصالح إسماعيل بن بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ، وأخوه الملك المجاهد سيف الدين إسحاق صاحب الجزيرة ، وأخوهما المظفر ، فأكرمهم السلطان وأقرّهم على ما بأيديهم ، وكتب لهم تقاليد وجهزهم في خدمة الخليفة ، وسار الخليفة في سادس شوّال والسلطان في خدمته إلى دمشق ، فنزل السلطان في القلعة ، ونزل الخليفة في التربة الناصرية بجبل الصالحية ، وبلغت نفقة السلطان على الخليفة ألف ألف وستين ألف دينار ، وخرج من دمشق في ثالث عشر ذي القعدة ومعه الأمير بلبان الرشيديّ ، والأمير سنقر الروميّ ، وطائفة من العسكر ، وأوصاهما السلطان أن يكونا في خدمة الخليفة حتى يصل إلى الفرات ، فإذا عبر الفرات أقاما بمن معهما من العسكر بالبرّ الغربيّ من جهات حلب لانتظار ما يتجدّد من أمر الخليفة ، بحيث إن احتاج إليهم ساروا إليه ، فسار إلى الرحبة وتركه أولاد صاحب الموصل وانصرفوا إلى بلادهم ، وسار إلى مشهد عليّ فوجد الإمام الحاكم بأمر الله قد جمع سبعمائة فارس من التركمان وهو على عانة ، ففارقه التركمان وصار الحاكم إلى المستنصر طائعا له ، فأكرمه وأنزله معه وسارا إلى عانة ، ورحلا إلى الحديثة ، وخرجا منها إلى هيت ، وكانت له حروب مع التتار في ثالث محرّم سنة ستين وستمائة ، قتل فيها أكثر أصحابه ، وفرّ الحاكم وجماعة من الأجناد ، وفقد المستنصر فلم يوقف له على خبر ، فحضر الحاكم إلى قلعة الجبل وبايعه السلطان والناس ، واستمرّ بديار مصر في مناظر الكبش ، وهو جدّ الخلفاء الموجودين اليوم.
وفي سنة ست وستين قرّر الظاهر بديار مصر أربعة قضاة ، وهم شافعيّ ومالكيّ وحنفيّ وحنبليّ ، فاستمرّ الأمر على ذلك إلى اليوم ، وحدث غلاء شديد بمصر ، وعدمت الغلة ، فجمع السلطان الفقراء وعدّهم وأخذ لنفسه خمسمائة فقير يمونهم ، ولا بنه السعيد بركة خان خمسمائة فقير ، وللنائب بيلبك الخازندار ثلاثمائة فقير ، وفرّق الباقي على سائر الأمراء ، ورسم لكلّ إنسان في اليوم برطلي خبز ، فلم ير بعد ذلك في البلد أحد من الفقراء يسأل.