سميع ، في الظرف ، لأنه قد وصف. اسم الفاعل وما جرى مجراه إذا وصف قبل أخذ معموله لا يجوز له إذ ذاك أن يعمل على خلاف لبعض الكوفيين في ذلك ، ولأن اتصافه تعالى : بسميع عليم ، لا يتقيد بذلك الوقت.
وذهب أبو عبيدة إلى أن إذ زائدة ، المعنى : قالت امرأة عمران. وتقدّم له نظير هذا القول في : مواضع ، وكان أبو عبيدة يضعف في النحو.
وانتصب : محررا ، على الحال. قيل : من ما ، فالعامل : نذرات. وقيل من الضمير الذي في : استقر ، العامل في الجار والمجرور ، فالعامل في هذا : استقر ، وقال مكي فمن نصبه على النعت لمفعول محذوف يقدّره : غلاما محررا. وقال ابن عطية : وفي هذا نظر ، يعني أن : نذر ، قد أخذ مفعوله ، وهو : ما في بطني ، فلا يتعدّى إلى آخر ، ويحتمل أن ينتصب : محررا ، على أن يكون مصدرا في معنى : تحريرا ، لأن المصدر يجوز أن يكون على زنة المفعول من كل فعل زائد على الثلاثة ، كما قال الشاعر :
ألم تعلم مسرحي القوافي |
|
فلا عيا بهنّ ولا اجتلابا |
التقدير : تسريحي القوافي ، ويكون إذ ذاك على حذف مضاف ، أي : نذر تحرير ، أو على أنه مصدر من معنى : نذرت ، لأن معنى : (نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي) حررت لك بالنذر ما في بطني. والظاهر القول الأول ، وهو أن يكون حالا من : ما ، ويكون ، إذ ذاك حالا مقدّرة إن كان المراد بقوله : محررا ، خادما للكنيسة ، وحالا مصاحبة إن كان المراد عتيقا ، لأن عتق ما في البطن يجوز.
وكتبوا : امرأة عمران ، بالتاء لا بالهاء ، وكذلك امرأة العزيز في موضعين ، وامرأة نوح ، وامرأة لوط ، وامرأة فرعون ، سبعة مواضع. فأهل المدينة يقفون بالتاء اتباعا لرسم المصحف مع أنها لغة لبعض العرب يقفون على طلحة طلحت ، بالتاء. ووقف أبو عمرو ، والكسائي : بالهاء ولم يتبعوا رسم المصحف في ذلك ، وهي لغة أكثر العرب ، وذكر المفسرون سبب هذا الحمل الذي اتفق لامرأة عمران. فروي أنها كانت عاقرا ، وكانوا أهل بيت لهم عند الله مكانة ، فبينا هي يوما في ظل شجرة نظرت إلى طائر يذق فرخا له ، فتحركت به نفسها للولد ، فدعت الله تعالى أن يهب لها ولدا. فحملت. ومات عمران زوجها وهي حامل ، فحسبت الحمل ولدا فنذرته لله حبيسا لخدمة الكنيسة أو بيت المقدس ، وكان من عادتهم التقرب بهبة أولادهم لبيوت عباداتهم ، وكان بنو ماثان رؤوس