عليه يأتي في مكانه ، فإنه من المشكلات ، فالأحسن أن يجعل الضمير في : وضعتها أنثى ، عائدا على النسمة ، أو النفس ، فتكون الحال مبنية لا مؤكدة.
وقيل : خاطبت الله تعالى بذلك على سبيل الاعتذار ، والتنصل من نذر ما لا يصلح لسدانة البيت ، إذ كانت الأنثى لا تصلح لذلك في شريعتهم.
وقيل : كانت مريم أجمل نساء زمانها وأكملهنّ.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) قرأ ابن عامر ، وأبو بكر ، ويعقوب : بضم التاء ، ويكون ذلك وما بعده من كلام أمّ مريم ، وكأنها خاطبت نفسها بقولها : والله أعلم. ولم تأت على لفظ : رب ، إذ لو أتت على لفظه لقالت : وأنت أعلم بما وضعت. ولكن خاطبت نفسها على سبيل التسلية عن الذكر ، وأن علم الله وسابق قدرته وحكمته يحمل ذلك على عدم التحسر والتحذر على ما فاتنى من المقصد ، إذ مراده ينبغي أن يكون المراد ، وليس الذكر الذي طلبته ورجوته مثل الأنثى التي علمها وأرادها وقضى بها. ولعل هذه الأنثى تكون خيرا من الذكر ، إذ أرادها الله ، سلت بذلك نفسها.
وتكون : الألف واللام في : الذكر ، للعهد فيكون مقصودها ترجيح هذه الأنثى التي هي موهوبة الله على ما كان قد رجت من أنه يكون ذكرا ، ويحتمل أن يكون مقصودها أنه ليس كالأنثى في الفضل والدرجة والمزية ، لأن الذكر يصلح للتحرير ، والاستمرار على خدمة موضع العبادة ، ولأنه أقوى على الخدمة ، ولا يلحقه عيب في الخدمة والاختلاط بالناس ولا تهمة.
قال ابن عطية : كالانثى ، في امتناع نذره إذ الأنثى تحيض ولا تصلح لصحبة الرهبان؟ قاله قتادة ، والربيع ، والسدّي ، وعكرمة ، وغيرهم. وبدأت بذكر الأهمّ في نفسها ، وإلّا فسياق الكلام أن تقول : وليست الأنثى كالذكر ، فتضع حرف النفي مع الشيء الذي عندها ، وانتفت عنه صفات الكمال للغرض المراد. انتهى. وعلى هذا الاحتمال تكون الألف واللام في : الذكر ، للجنس.
وقرأ باقي السبعة : بما وضعت ، بتاء التأنيث الساكنة على أنه إخبار من الله بأنه أعلم بالذي وضعته. أي : بحاله ، وما يؤول إليه أمر هذه الأنثى ، فإن قولها : وضعتها أنثى ، يدل على أنها لم تعلم من حالها إلّا على هذا القدر من كون هذه النسمة جاءت أنثى لا تصلح للتحرير ، فأخبر تعالى أنه أعلم بهذه الموضوعة ، فأتى بصيغة التفضيل المقتضية للعلم