وقرأ الجمهور : ثم يقول ، بالنصب عطفا على : أن يؤتيه ، وقرأ شبل عن ابن كثير ، ومحبوب عن أبي عمرو : بالرفع على القطع أي : ثم هو يقول. وقرأ الجمهور : عبادا لي ، بتسكين ياء الإضافة. وقرأ عيسى بن عمر : بفتحها.
(وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) هذا على إضمار القول تقديره : ولكن يقول كونوا ربانيين ، والرباني الحكيم العالم ، قاله قتادة ، وأبو رزين. أو : الفقيه ، قاله علي ، وابن عباس ، والحسن ، ومجاهد. أو : العالم الحليم ، قاله قتادة وغيره. أو : الحكيم الفقيه ، قاله ابن عباس. أو : الفقيه العلم ، قاله الحسن ، والضحاك. أو : والي الأمر يربيهم ويصلحهم ، قاله ابن زيد. أو : الحكيم التقي ، قاله ابن جبير. أو : المعلم ، قاله الزجاج. أو : العالم ، قاله المبرد. أو : التائب لربه ، قاله المؤرج. أو : الشديد التمسك بدين الله وطاعته ، قاله الزمخشري. أو : العالم الحكيم الناصح لله في خلقه ، قاله عطاء. أو : العالم العامل بعلمه ، قاله ابن جبير. أو : العالم المعلم ، قاله بعضهم. وهذه أقوال متقاربة.
وللصوفية في تفسيره أقوال كثيرة غير هذه ، وقال مجاهد : الرباني فوق الحبر ، لأن الحبر هو العالم ، والرباني الذي جمع إلى العلم والفقه النظر بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية وما يصلحهم في دينهم ودنياهم. وفي البخاري : الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره.
قال ابن عطية : فجملة ما يقال في الرباني : إنه العالم المصيب في التقدير من الأقوال والأفعال التي يحاولها في الناس انتهى. ولما مات ابن عباس قال محمد بن الحنفية : اليوم مات رباني هذه الآمة.
(بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) الباء للسبب ، و : ما ، الظاهر أنها مصدرية ، و : تعلمون ، متعد لواحد على قراءة الحرميين وأبي عمرو إذ قرأوا بالتخفيف مضارع علم ، فأما قراءة باقي السبعة بضم التاء وفتح العين وتشديد اللام المكسورة ، فيتعدّى إلى اثنين ، إذ هي منقولة بالتضعيف من المتعدية إلى واحد ، وأول المفعولين محذوف تقديره : تعلمون الناس الكتاب. وتكلموا في ترجيح أحد القراءتين على الأخرى ، وقد تقدّم أني لا أرى شيئا من هذه التراجيح ، لأنها كلها منقولة متواترة قرآنا ، فلا ترجيح في إحدى القراءتين على الأخرى.