محذوفة ، والوصف بالتشابه لا يصح في مفرد آخر ، لو قلت : وأخرى متشابهة لم يصح إلّا بمعنى أن بعضها يشبه بعضا ، وليس المراد هنا هذا المعنى ، وذلك أن التشابه المقصود هنا لا يكون إلّا بين اثنين فصاعدا ، فلذلك صح هذا الوصف مع الجمع ، لأن كل واحد من مفرداته يشابه الباقي ، وإن كان الواحد لا يصح فيه ذلك ، فهو نظير ، رجلين يقتتلان ، وإن كان لا يقال : رجل يقتتل.
وتقدم الكلام على أخر في قوله : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (١) فاغنى عن إعادته هنا.
وذكر ابن عطية أن المهدوي خلط في مسألة : أخر ، وأفسد كلام سيبويه ، فتوقف على ذلك من كلام المهدوي.
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) هم نصارى نجران لتعرضهم للقرآن في أمر عيسى ، قاله الربيع. أو : اليهود ، قاله ابن عباس ، والكلبي ، لأنهم طلبوا بقاء هذه الآية من الحروف المقطعة ، والزيغ : عنادهم.
وقال الطبري : هو الأشبه. وذكر محاورة حيي بن أخطب وأصحابه لرسول الله صلىاللهعليهوسلم في مدة ملته ، واستخراج ذلك من الفواتح ، وانتقالهم من عدد إلى عدد إلى أن قالوا : خلطت علينا فلا ندري بكثير نأخذ أم بقليل؟ ونحن لا نؤمن بهذا. فأنزل الله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) الآية ، وفسر الزيغ : بالميل عن الهدى ، ابن مسعود ، وجماعة من الصحابة ، ومجاهد ، ومحمد بن جعفر بن الزبير ، وغيرهم.
وقال قتادة : هم منكر والبعث ، فإنه قال في آخرها (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) وما ذاك إلّا يوم القيامة ، فإنه أخفاه عن جميع الخلق. وقال قتادة أيضا : هم الحرورية ، وهم الخوارج. ومن تأول آية لا في محلها. وقال أيضا : إن لم تكن الحرورية هم الخوارج السبائية ، فلا أدري من هم.
وقال ابن جريح : هم المنافقون. وقيل : هم جميع المبتدعة.
وظاهر اللفظ العموم في الزائغين عن الحق ، وكل طائفة ممن ذكر زائغة عن الحق ، فاللفظ يشملهم وإن كان نزل على سبب خاص ، فالعبرة لعموم اللفظ.
(فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) قال القرطبي : متبعو المتشابه إما طالبو تشكيك وتناقض
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٨٤ و ١٨٥.