ومقاعد : جمع مقعد ، وهو هناك مكان القعود. والمعنى : مواطن ومواقف. وقد استعمل المقعد والمقام في معنى المكان. ومنه : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) (١) و (قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) (٢).
وقال الزمخشري : وقد اتسع في قعد وقام حتى أجريا مجرى صار انتهى. أمّا إجراء قعد مجرى صار فقال أصحابنا : إنما جاء في لفظة واحدة وهي شاذة لا تتعدى ، وهي في قولهم : شحذ شفرته حتى قعدت كأنها حربة ، أي صارت. وقد نقد على الزمخشري تخريج قوله تعالى : (فَتَقْعُدَ مَلُوماً) (٣) على أن معناه : فتصير ، لأن ذلك عند النحويين لا يطرد. وفي اليواقيت لأبي عمر الزاهد قال ابن الأعرابي : القعد الصيرورة ، والعرب تقول : قعد فلان أميرا بعد ما كان مأمورا أي صار. وأمّا إجراء قام مجرى صار فلا أعلم أحدا عدّها في أخوات كان ، ولا ذكر أنها تأتي بمعنى صار ، ولا ذكر لها خبرا إلا أبا عبد الله بن هشام الخضراوي فإنه قال في قول الشاعر :
على ما قام يشتمني لئيم |
|
إنها من أفعال المقاربة |
وقال ابن عطية : لفظة القعود أدل على الثبوت ، ولا سيما أنّ الرماة إنما كانوا قعودا ، وكذلك كانت صفوف المسلمين أولا ، والمبارزة والسرعان يجولون. وجمع المقاعد لأنه عيّن لهم مواقف يكونون فيها : كالميمنة والميسرة ، والقلب ، والشاقة. وبيّن لكل فريق منهم موضعهم الذي يقفون فيه.
خرج صلىاللهعليهوسلم بعد صلاة الجمعة ، وأصبح بالشعب يوم السبت للنصف من شوال ، فمشى على رجليه ، فجعل يصفّ أصحابه للقتال كأنما يقوم بهم القدح. إن رأى صدرا خارجا قال : «تأخر» ، وكان نزوله في غدوة الوادي ، وجعل ظهره وعسكره إلى أحد. وأمر عبد الله بن جبير على الرماة وقال لهم : «انصحوا عنا بالنبل» لا يأتونا من ورائنا».
وتبوىء جملة حالية من ضمير المخاطب. فقيل : هي حال مقدرة ، أي خرجت قاصد التبوئة ، لأن وقت الغدوّ لم يكن وقت التبوئة. وقرأ الجمهور تبوىء من بوّأ. وقرأ عبد الله : تبوّىء من أبوأ ، عداه الجمهور بالتضعيف ، وعبد الله بالهمزة. وقرأ يحيى بن وثاب : تبوى بوزن تحيا ، عداه بالهمزة ، وسهل لام الفعل بإبدال الهمزة ياء نحو : يقرى في يقرىء. وقرأ
__________________
(١) سورة القمر : ٥٩ / ٥٥.
(٢) سورة النمل : ٢٧ / ٣٩.
(٣) سورة الإسراء : ١٧ / ٢٩.