وقد تضمنت هذه الآيات ضروبا من الفصاحة والبديع. من ذلك العام المراد به الخاص : في من أهلك ، قال الجمهور : أراد به بيت عائشة. فالاختصاص في : والله سميع عليم ، وفي : فليتوكل المؤمنون ، وفي : ما في السموات وما في الأرض ، وفي : يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء خص نفسه بذلك كقوله : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) (١) (نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٢) وفي (الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (٣) لأن العز من ثمرات النصر ، والتدبير الحسن من ثمرات الحكمة.
والتشبيه : في ليقطع طرفا ، شبه من قتل منهم وتفرّق بالشيء المقتطع الذي تفرقت أجزاؤه وانخرم نظامه ، وفي : ولتطمئن قلوبكم شبه زوال الخوف عن القلب وسكونه عن غليانه باطمئنان الرّجل الساكن الحركة. وفي : فينقلبوا خائبين شبه رجوعهم بلا ظفر ولا غنيمة بمن أمل خيرا من رجل فأمّه ، فأخفق أمله وقصده. والطباق : في نصركم وأنتم أذلة ، النصر إعزاز وهو ضد الذل. وفي : يغفر ويعذب ، الغفران ترك المؤاخذة والتعذيب المؤاخذة بالذنب. والتجوز بإطلاق التثنية على الجمع في : أن يفشلا. وبإقامة اللام مقام إلى في : ليس لك أي إليك ، أو مقام على : أي ليس عليك. والحذف والاعتراض في مواضع اقتضت ذلك والتجنيس المماثل في : أضعافا مضاعفة. وتسمية الشيء بما يؤول إليه في : لا تأكلوا سمّى الأخذ أكلا ، لأنه يؤول إليه.
وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤) وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (١٣٦) قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧) هذا
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ١٣٥.
(٢) سورة الحجر : ١٥ / ٤٩.
(٣) سورة آل عمران : ٣ / ١٢٦.