«ما الإيمان» فبين له العقائد «ما الإسلام»؟ فبين له الفرائض. «ما الإحسان؟» قال : «أن تعبد الله كأنك تراه» والمعنى : أن الله يحب المحسنين ، وهم الذين يوقعون الأعمال الصالحة ، مراقبين الله كأنهم مشاهدوه. وقال الحسن : الإحسان أن تعم ولا تخص ، كالريح والمطر والشمس والقمر. وقال الثوري : الإحسان أن تحسن إلى المسيء ، فإنّ الإحسان إليه مناجزة كنقد السوق ، خذ مني وهات.
(وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) نزلت في قول الجمهور بسبب منهال التمار ، ويكنى : أبا مقبل ، أتته امرأة تشتري منه تمرا فضمها وقبلها ثم ندم. وقيل : ضرب على عجزها.
والعطف بالواو مشعر بالمغايرة. لمّا ذكر الصنف الأعلى وهم المتقون الموصوفون بتلك الأوصاف الجميلة ، ذكر من دونهم ممن قارف المعاصي وتاب وأقلع ، وليس من باب عطف الصفات واتحاد الموصوف. وقيل : أنه من عطف الصفات ، وأنه من نعت المتقين روي ذلك عن الحسن.
قال ابن عباس : الفاحشة الزنا ، وظلم النفس ما دونه من النظر واللمسة. وقال مقاتل : الفاحشة الزنا ، وظلم النفس سائر المعاصي. وقال النخعي : الفاحشة القبائح ، وظلم النفس من الفاحشة وهو لزيادة البيان. وقيل : جميع المعاصي وظلم النفس العمل بغير علم ولا حجة. وقال الباقر : الفاحشة النظر إلى الأفعال ، وظلم النفس رؤية النجاة بالأعمال. وقيل : الفاحشة الكبيرة ، وظلم النفس الصغيرة. وقيل : الفاحشة ما تظوهر به من المعاصي ، وقيل : ما أخفى منها. وقال مقاتل والكلبي : الفاحشة ما دون الزنا من قبله أو لمسة أو نظرة فيما لا يحل ، وظلم النفس بالمعصية ، وقيل : الفاحشة الذنب الذي فيه تبعة للمخلوقين ، وظلم النفس ما بين العبد وبين ربه. وهذه تخصيصات تحتاج إلى دليل. وكثر استعمال الفاحشة في الزنا ، ولذلك قال جابر حين سمع الآية : زنوا ورب الكعبة.
ومعنى (ذَكَرُوا اللهَ) ذكروا وعيده قاله : ابن جرير وغيره. وقيل : العرض على الله قاله الضحاك. أو السؤال عنه يوم القيامة قاله : الكلبي ومقاتل والواقدي. وقيل : نهي الله. وقيل : غفرانه. وقيل : تعرضوا لذكره بالقلوب ليبعثهم على التوبة. وقيل : عظيم عفوه فطمعوا في مغفرته. وقيل : إحسانه فاستحيوا من إساءتهم. وهذه الأقوال كلها على أن الذكر هو بالقلب. وقيل : هو باللسان ، وهو الاستغفار. ذكروا الله بقلوبهم : اللهم اغفر لنا