لقد رأيت الموت قبل ذوقه
وقال :
ووجدت ريح الموت من تلقائهم |
|
في مأزق والخيل لم تتبدّد |
وقيل : معنى الرؤية هنا العلم ، ويحتاج إلى حذف المفعول الثاني أي : فقد علمتم الموت حاضرا ، وحذف لدلالة المعنى عليه. وحذف أحد مفعولي ظن وأخواتها عزيز جدا ، ولذلك وقع فيه الخلاف بين النحويين. وقرأ طلحة بن مصرف. فلقد رأيتموه باللام ، وأنتم تنظرون جملة حالية للتأكيد ، ورفع ما يحتمله رأيتموه من المجاز أو من الاشتراك الذي بين رؤية القلب ورؤية العين ، أي معاينين مشاهدين له حين قتل بين أيديكم من قتل من إخوانكم وأقاربكم وشارفتم أن تقتلوا ، فعلى هذا يكون متعلق النظر متعلق الرؤية ، وهذا قول الأخفش ، وهو الظاهر. وقيل : وأنتم بصراء أي ليس بأعينكم علة. ويرجع معناه إلى القول الأول ، وقاله الزجاج والأخفش أيضا. وقيل : تنظرون إلى محمد صلىاللهعليهوسلم وما فعل به. وقيل : تنظرون نظر تأمل بعد الرؤية. وقيل : تنظرون في أسباب النجاة والفرار ، وفي أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم هل قتل أم لا؟ وقيل : تنظرون ما تمنيتم وهو عائد على الموت. وقيل : تنظرون في فعلكم الآن بعد انقضاء الحرب ، هل وفيتم أو خالفتم؟ فعلى هذا المعنى لا تكون جملة حالية ، بل هي جملة مستأنفة الاخبار أتى بها على سبيل التوبيخ. فكأنه قيل : وأنتم حسباء أنفسكم فتملوا قبح فعلكم. وهذه الآية وإن كانت صيغتها صيغة الخبر فمعناها العتب والإنكار على من انهزم يوم أحد ، وفيها محذوف أخيرا بعد قوله : فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ، أي تفرقهم بعد رؤية أسبابه وكشف الغيب ، أنّ متعلق تمنيكم نكصتم عنه وقال ابن الأنباري : يقال : إنّ معنى رأيتموه قابلتموه وأنتم تنظرون بعيونكم ، ولهذه العلة ذكر النظر بعد الرؤية حين اختلف معناهما ، لأن الأول بمعنى المقابلة والمواجهة والثاني بمعنى رؤية العين انتهى. ويكون إذ ذاك ، وأنتم تنظرون جملة في موضع الحال المبينة لا المؤكدة إلا أن المشهور في اللغة أن الرؤية هي الإبصار ، لا المقابلة والمواجهة.
(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) هذا استمرار في عتبهم آخر أن محمدا رسول كمن مضى من الرسل ، بلّغ عن الله كما بلغوا. وليس بقاء الرسل شرطا في