الملقى فيه قبل ذكر الملقى. وقرأ ابن عامر والكسائي : الرعب بضم العين ، والباقون بسكونها. فقيل : لغتان. وقيل : الأصل السكون ، وضم اتباعا كالصبح والصبح. وقيل : الأصل الضم ، وسكن تخفيفا ، كالرّسل والرسل. وذكروا في إلقاء الرعب في قلوب الكفار يوم أحد قصة طويلة أردنا أن لا نخلي الكتاب من شيء منها ، فلخصنا منها أن عليا أخبر الرسول بأن أبا سفيان وأصحابه حين ارتحلوا ركبوا الإبل وجنبوا الخيل ، فسرّ بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم رجع الرسول إلى المدينة فتجهز واتبع المشركين إلى حمراء الأسد.
وأن معبد الخزاعي جاء إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم وهو كافر ممتعض مما حل بالمسلمين ، وكانت خزاعة تميل إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وأن المشركين هموا بالرجوع إلى القتال فخذلهم صفوان بن أمية ومعبد. وقال معبد : خرجوا يتحرقون عليكم في جمع لم أر مثله ، ولم أر إلا نواصي خيلهم قد جاءتكم. وحملني ما رأيت أني قلت في ذلك شعرا وأنشد :
كادت تهد من الأصوات راحلتي |
|
إذ سالت الأرض بالحرد الأبابيل |
تردي بأسد كرام لا تنابله |
|
عند اللقاء ولا ميل مهازيل |
فظلت أعدو أظن الأرض مائلة |
|
لما سموا برئيس غير مخذول |
إلى آخر الشعر ، فوقع الرعب في قلوب الكفار. وقوله : سنلقي ، وعد للمؤمنين بالنصر بعد أحد ، والظفر. وقال : «نصرت بالرعب مسيرة شهر» وفيها دلالة على صدق نبوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ أخبر عن الله بأنه يلقي الرعب في قلوبهم فكان كما أخبر به.
(بِما أَشْرَكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) الباء للسبب ، وما مصدرية : أي بسبب إشراكهم بالله آلهة لم ينزل بإشراكها حجة ولا برهانا ، وتسليط النفي على الإنزال ، والمقصود : نفي السلطان ، أي آلهة لا سلطان في إشراكها ، فينزل نحو قوله :
على لاحب لا يهتدى بمناره
أي لا منار له فيهتدى به وقوله :
ولا ترى الضب بها ينجحر
أي لا ينجحر الضب فيرى بها. والمراد نفي السلطان والنزول معا. وكان الإشراك بالله سببا لإلقاء الرعب ، لأنهم يكرهون الموت ويؤثرون الحياة ، إذ لم تتعلق آمالهم بالآخرة ولا بثواب فيها ولا عقاب ، فصار اعتقادهم ذلك مؤثرا في الرغبة في الحياة الدنيا كما قالوا :