ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (١٨٥)
الزبر : جمع زبور ، وهو الكتاب. يقال : زبرت أي كتبت ، فهو بمعنى مفعول أي : مزبور ، كالركوب بمعنى المركوب. وقال امرؤ القيس :
لمن طلل أبصرته فشجاني |
|
كخط زبور في عسيب يمان |
ويقال : زبرته قرأته ، وزبرته حسنته ، وتزبرته زجرته. وقيل : اشتقاق الزبور من الزبرة ، وهي القطعة من الحديد التي تركت بحالها.
الزحزحة : التنحية والإبعاد ، تكرير الزح وهو الجذب بعجلة ويقال : مكان زحزح أي بعيد.
الفوز : النجاة مما يحذر والظفر بما يؤمل ، وسميت الأرض القفر البعيدة المخوف من الهلاك فيها مفازة على سبيل التفاؤل ، لأن من قطعها فاز. وقيل : لأنها مظنة تفويز ، ومظنة هلاك. تقول العرب : فوّز الرجل مات.
(لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) نزلت في فنحاص بن عازوراء ، حاوره أبو بكر في الإسلام وأن يقرض الله قرضا حسنا فقال : هذه المقالة فضربه أبو بكر ومنعه من قبله العهد ، فشكاه إلى الرسول وأنكر ما قال ، فنزلت تكذيبا لفنحاص ، وتصديقا للصديق قاله : ابن عباس ، وعكرمة ، والسدّي ، ومقاتل ، وابن إسحاق رضياللهعنهم ، وساقوا القصة مطولة. وقال قتادة : نزلت في حيي بن أخطب ، وقال هو أيضا والحسن ومعمر وغيرهم : في اليهود. وذكر أبو سليمان الدمشقي في الياس بن عمر. ولما نزل (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) (١) قال أو قالوا : إنما يستقرض الفقير الغني ، والظاهر أن قائل ذلك جمع ، فيمكن أن ذلك صدر من فنحاص أو حيي أولا ، ثم تقاولها اليهود ، أو صدر ذلك من واحد فقط ، ونسب للجماعة على عادة كلام العرب في نسبتها إلى القبيلة فعل الواحد منها.
ومعنى لقد سمع الله : أنه لم يخف عليه تعالى مقالتهم ، ومقالتهم هذه إما على سبيل
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٤٥.