كمرضعة أولاد أخرى وضيّعت |
|
بني بطنها هذا الضلال عن القصد |
ومعنى ذلك : لا أترك جزاء عامل منكم. ومنكم في موضع الصفة ، أي : كائن منكم. وقوله : من ذكر أو أنثى ، قيل : من تبيين لجنس العامل ، فيكون التقدير الذي هو ذكر أو أنثى. ومن قيل : زائدة لتقدم النفي في الكلام. وقيل : من في موضع الحال من الضمير الذي في العامل في منكم أي : عامل كائن منكم كائنا من ذكر أو أنثى. وقال أبو البقاء : من ذكر أو أنثى بدل من منكم ، بدل الشيء من الشيء ، وهما لعين واحدة انتهى. فيكون قد أعاد العامل وهو حرف الجر ، ويكون بدلا تفصيليا من مخاطب. ويعكر على أن يكون بدلا تفصيليا عطفه بأو ، والبدل التفصيلي لا يكون إلا بالواو كقوله :
وكنت كذي رجلين رجل صحيحة |
|
ورجل رمى فيها الزمان فشلت |
ويعكر على كونه من مخاطب أنّ مذهب الجمهور : أنه لا يجوز أن يبدل من ضمير المتكلم وضمير المخاطب بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة ، وأجاز ذلك الأخفش. هكذا أطلق بعض أصحابنا الخلاف وقيده بعضهم بما كان البدل فيه لإحاطة ، فإنه يجوز إذ ذاك. وهذا التقييد صحيح ، ومنه «تكون لنا عيدا لأوّلنا وآخرنا» (١) فقوله لأوّلنا وآخرنا بدل من ضمير المتكلم في قوله : لنا. وقول الشاعر :
فما برحت أقدامنا في مقامنا |
|
ثلاثتنا حتى أرينا المنائيا |
فثلاثتنا بدل من ضمير المتكلم. وأجاز ذلك لأنه بدل في معنى التوكيد ، ويشهد لمذهب الأخفش قول الشاعر :
بكم قريش كفينا كل معضلة |
|
وأم نهج الهدى من كان ضليلا |
وقول الآخر :
وشوهاء تغدو بي إلى صارخ الوغى |
|
بمستلئم مثل الفنيق المرجل |
فقريش بدل من ضمير المخاطب. وبمستلئم بدل من ضمير المتكلم. وقد تجيء أو في معنى الواو إذا عطفت ما لا بد منه كقوله :
قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم |
|
من بين ملجم مهره أو سافع |
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ١١٤.