والإشهاد الإيناس المشروط. وقال ابن سيرين : لا يدفع إليه بعد الإيناس والاختبار المذكورين حتى تمضي عليه سنة وتداوله الفصول الأربع ، ولم تتعرض الآية لسن البلوغ ، ولا بماذا يكون. وتكلم فيها هنا بعض المفسرين. والكلام في البلوغ مذكور في كتب الفقه.
وظاهر الآية أنه إن لم يؤنس منه رشد بقي محجورا عليه دائما ، ولا يدفع إليه المال ، وبه قال الجمهور. وقال النخعي وأبو حنيفة : ينتظر به خمس وعشرون سنة ، ويدفع إليه ماله أونس منه الرشد أو لم يؤنس. وظاهر الآية يدل على استبداد الوصي بالدفع والاستقلال به. وقالت طائفة : يفتقر إلى أن يدفعه إلى السلطان ويثبت عنده رشده ، أو يكون ممن يأمنه الحاكم. وظاهر عموم اليتامى اندراج البنات في هذا الحكم ، فيكون حكمهن حكم البنين في ذلك. فقيل : يعتبر رشدها ، وإن لم تتزوج بالبلوغ. وقيل : المدة بعد الدخول خمسة أعوام. وقيل : سنة. وقيل : سبعة في ذات الأب ، وعام واحد في اليتيمة التي لا وصي لها.
وحتى هنا غاية للابتلاء ، ودخلت على الشرط وهو : إذا ، وجوابه : فإن آنستم ، وجوابه وجواب إن آنستم : فادفعوا. وإيناس الرشد مترتب على بلوغ النكاح ، فيلزم أن يكون بعده. وحتى إذا دخلت على الشرط لا تكون عاملة ، بل هي التي تقع بعدها الجمل كقوله :
وحتى الجياد ما يقدن بأرسان
وقوله :
وحتى ماء دجلة أشكل
على أن في هذه المسألة خلافا ذهب الزّجاج وابن درستويه إلى أن الجملة في موضع جر ، وذهب الجمهور إلى أنها غير عاملة البتة. وفي قوله : بلغوا النكاح تقدير محذوف وهو : بلغوا حد النكاح أو وقته. وقال ابن عباس : معنى آنستم عرفتم. وقال عطاء : رأيتم. وقال الفراء : وجدتم. وقال الزجاج : علمتم. وهذه الأقوال متقاربة.
وقرأ ابن مسعود : فإن أحستم ، يريد أحسستم. فحذف عين الكلمة ، وهذا الحذف شذوذ لم يرد إلا في ألفاظ يسيرة. وحكى غير سيبويه : أنها لغة سليم ، وأنها تطرد في عين كل فعل مضاعف اتصل بتاء الضمير أو نونه. وقرأ ابن مسعود وأبو عبد الرحمن وأبو السمال وعيسى الثقفي : رشدا بفتحتين. وقرىء شاذا : رشدا بضمتين ، ونكر رشدا لأن معناه نوع