والحكم أنه لا يرث إلا عند عدم ولد الصلب ، أو عند وجود من لا يأخذ جميع الميراث منهم.
وهذا البحث جار في الأب والجد والأم والجدة ، والأظهر أنه ليس على سبيل الحقيقة لاتفاق الصحابة على أنّ الجد ليس له حكم مذكور في القرآن ، ولو كان اسم الأب يتناوله حقيقة لما صح هذا الاتفاق. ولو أوصى لولد فلان فعند الشافعي لا يدخل ولد الولد ، وعند مالك يدخل ، وعند أبي حنيفة يدخل إن لم يكن لفلان ولد صلب.
وللذكر : إما أن يقدّر محذوف أي : للذكر منهم ، أو تنوب الألف واللام عن الضمير على رأي من يرى ذلك التقدير لذكرهم. ومثل : صفة لمبتدأ محذوف تقديره حظ مثل.
قال الفراء : ولم يعمل يوصيكم في مثل إجراء له مجرى القبول في حكاية الجمل ، فالجملة في موضع نصب بيوصيكم. وقال الكسائي : ارتفع مثل على حذف أن تقديره : أنّ للذكر. وبه قرأ ابن أبي عبلة وأريد بقوله : للذكر مثل حظ الأنثيين حالة اجتماع الذكر والأنثيين فله سهمان ، كما أن لهما سهمين. وأما إذا انفرد الابن فيأخذ المال أو البنتان ، فسيأتي حكم ذلك. ولم تتعرض الآية للنص على هاتين المسألتين.
وقال أبو مسلم الأصبهاني : نصيب الذكر هنا هو الثلثان ، فوجب أن يكون نصيب الأنثيين. وقال أبو بكر الرازي : إذا كان نصيبها مع الذكر الثلث ، فلا أن يكون نصيبها مع أنثى الثلث أولى ، لأن الذكر أقوى من الأنثى. وقيل : حظ الأنثيين أزيد من حظ الأنثى ، وإلا لزم حظ الذكر مثل حظ الأنثى ، وهو خلاف النص ، فوجب أن يكون حظهما الثلثين ، لأنه لا قائل بالفرق. فهذه وجوه ثلاثة مستنبطة من الآية تدل على أن فرض البنتين الثلثان. ووجه رابع من القياس الجلي وهو أنه لم يذكر هنا حكم الثنتين ، وذكر حكم الواحدة وما فوق الثنتين. وفي آخر السورة ذكر حكم الأخت الواحدة ، وحكم الأختين ، ولم يذكر حكم الأخوات ، فصارت الآيتان مجملتين من وجه ، مبينتين من وجه.
فنقول : لما كان نصيب الأختين الثلثين ، كانت البنتان أولى بذلك لأنهما أقرب إلى الميت. ولما كان نصيب البنات الكثيرة لا يزاد على الثلثين ، وجب أن لا يزاد نصيب الأخوات على ذلك ، لأن البنت لما كانت أشدّ اتصالا بالميت امتنع جعل الأضعف زائدا على الأقوى. وقال الماتريدي : في الآية دليل على أن المال كله للذكر إذا لم يكن معه أنثى ، لأنه جعل للذكر مثل ما للأنثيين. وقد جعل للأنثى النصف إذا لم يكن معها ذكر