والإحصان : العفة ، وتحصين النفس عن الوقوع في الحرام. وانتصب محصنين على الحال ، وغير مسافحين حال مؤكدة ، لأن الإحصان لا يجامع السفاح وكذلك قوله : (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ) (١) والمسافحون هم الزانون المبتذلون ، وكذلك المسافحات هن الزواني المبتذلات اللواتي هن سوق للزنا. ومتخذو الأخدان هم الزناة المتسترون الذين يصحبون واحدة واحدة ، وكذلك متخذات الأخدان هن الزواني المتسترات اللواتي يصحبن واحدا واحدا ، ويزنين خفية. وهذان نوعان كانا في زمن الجاهلية قاله : ابن عباس ، والشعبي ، والضحاك ، وغيرهم. وأصل المسافح من السفح ، وهو الصب للمني. وكان الفاجر يقول للفاجرة : سافحيني وماذيني من المذي.
(فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) قال ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وابن زيد ، وغيرهم : المعنى فإذا استمتعتم بالزوجة ووقع الوطء ، ولو مرة ، فقد وجب إعطاء الأجر وهو المهر ، ولفظة ما تدل على أن يسير الوطء يوجب إيتاء الأجر. وقال الزمخشري : فما استمتعتم به من المنكوحات من جماع أو خلوة صحيحة ، أو عقد عليهن ، فآتوهن أجورهن عليه انتهى. وأدرج في الاستمتاع الخلوة الصحيحة على مذهب أبي حنيفة ، إذ هو مذهبه. وقد فسر ابن عباس وغيره الاستمتاع هنا بالوطء ، لأن إيتاء الأجر كاملا لا يترتب إلا عليه ، وذلك على مذهبه ومذهب من يرى ذلك.
وقال ابن عباس أيضا ومجاهد ، والسدي ، وغيرهم : الآية في نكاح المتعة. وقرأ أبي ، وابن عباس ، وابن جبير : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن. وقال ابن عباس لأبي نضرة : هكذا أنزلها الله. وروي عن عليّ أنه قال : لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي. وروي عن ابن عباس : جواز نكاح المتعة مطلقا. وقيل عنه : بجوازها عند الضرورة ، والأصح عنه الرجوع إلى تحريمها. واتفق على تحريمها فقهاء الأمصار. وقال عمران بن حصين : أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمتعة ، ومات بعد ما أمرنا بها ، ولم ينهنا عنه قال رجل بعده برأيه ما شاء. وعلى هذا جماعة من أهل البيت والتابعين. وقد ثبت تحريمها عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من حديث عليّ وغيره. وقد اختلفوا في ناسخ نكاح المتعة ، وفي كيفيته ، وفي شروطه ، وفيما يترتب عليه من لحاق ولد أو حدّ بما هو مذكور في كتب الفقه ، وكتب أحكام القرآن.
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٥.