وقرأ نافع : مدخلا هنا ، وفي الحج بفتح الميم ، ورويت عن أبي بكر. وقرأ باقي السبعة بضمها وانتصاب المضموم الميم إمّا على المصدر أي : إدخالا ، والمدخل فيه محذوف أي : ويدخلكم الجنة إدخالا كريما. وإمّا على أنه مكان الدخول ، فيجيء الخلاف الذي في دخل ، أهي متعدية لهذه الأماكن على سبيل التعدية للمفعول به؟ أم على سبيل الظرف؟ فإذا دخلت همزة النقل فالخلاف. وأما انتصاب المفتوح الميم فيحتمل أن يكون مصدر الدخل المطاوع لأدخل ، التقدير : ويدخلكم فتدخلون دخولا كريما ، وحذف فتدخلون لدلالة المطاوع عليه ، ولدلالة مصدره أيضا. ويحتمل أن يراد به المكان ، فينتصب إذ ذاك إما بيدخلكم ، وإما بدخلتم المحذوفة على الخلاف ، أهو مفعول به أو ظرف.
(وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) قال قتادة والسدي : لما نزل (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (١) قال الرجال : إنا لنرجو أن نفضل على النساء في الحسنات كالميراث.
وقال النساء : إنا لنرجو أن يكون الوزر علينا نصف ما على الرجال كالميراث. وقال عكرمة : قال النساء : وددنا أنّ الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر مثل ما يصيب الرجال. وزاد مجاهد : أن ذلك عن أم سلمة. وأنها قالت : وإنما لنا نصف الميراث فنزلت. وروي عنها أنها قالت : ليتنا كنا رجالا فنزلت.
ومناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه تعالى لما نهى عن أكل المال بالباطل ، وعن قتل الأنفس ، وكان ما نهى عنه مدعاة إلى التبسط في الدنيا والعلو فيها وتحصيل حطامها ، نهاهم عن تمني ما فضل الله به بعضهم على بعض ، إذ التمني لذلك سبب مؤثر في تحصيل الدنيا وشوق النفس إليها بكل طريق ، فلم يكتف بالنهي عن تحصيل المال بالباطل وقتل الأنفس ، حتى نهى عن السبب المحرّض على ذلك ، وكانت المبادرة إلى النهي عن المسبب آكد لفظاعته ومشقته فبدىء به ، ثم أتبع بالنهي عن السبب حسما لمادة المسبب ، وليوافق العمل القلبي العمل الخارجي فيستوي الباطن والظاهر في الامتناع عن الأفعال القبيحة. وظاهر الآية يدل على النهي أن يتمنى الإنسان لنفسه ما فضل به عليه غيره ، بل عليه أن يرضى بما قسم الله له.
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ١١.