قال ابن عباس وابن جبير : معناه لا تجامعوهن. وقال الضحاك والسدي : اتركوا كلامهن ، وو لوهن ظهوركم في الفراش. وقال مجاهد : فارقوهن في الفرش ، أي ناموا ناحية في فرش غير فرشهن. وقال عكرمة والحسن : قولوا لهن في المضاجع هجرا ، أي كلاما غليظا. وقيل : اهجروهن في الكلام ثلاثة أيام فما دونها. وكنى بالمضاجع عن البيوت ، لأن كل مكان يصلح أن يكون محلا للاضطجاع. وقال النخعي ، والشعبي ، وقتادة ، والحسن : من الهجران ، وهو البعد وقيل : اهجروهن بترك الجماع والاجتماع ، وإظهار التجهم ، والإعراض عنهن مدة نهايتها شهرا كما فعل عليهالسلام «حين حلف أن لا يدخل على نسائه شهرا» وقيل : اربطوهن بالهجار ، وأكرهوهن على الجماع من قولهم : هجر البعير إذا شده بالهجار ، وهو حبل يشدّ به البعير قاله : الطبري ورجحه. وقدح في سائر الأقوال. وقال الزمخشري في قول الطبري : وهذا من تفسير الثقلاء انتهى. وقيل في للسبب : أي اهجروهن بسبب تخلفهن عن الفرش. وقرأ عبد الله والنخعي : في المضجع على الإفراد وفيه معنى الجمع ، لأنه اسم جنس.
وضربهن هو أن يكون غير مبرح ولا ناهك ، كما جاء في الحديث. قال ابن عباس : بالسواك ونحوه. والضرب غير المبرح هو الذي لا يهشم عظما ، ولا يتلف عضوا ، ولا يعقب شينا ، والناهك البالغ ، وليجتنب الوجه. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم : «علق سوطك حيث يراه أهلك» وعن أسماء بنت الصديق رضياللهعنها : كنت رابعة أربع نسوة عند الزبير ، فإذا غضب على إحدانا ضربها بعود المشجب حتى يكسره عليها. وهذا يخالف قول ابن عباس ، وكذلك ما رواه ابن وهب عن مالك : أن أسماء زوج الزبير كانت تخرج حتى عوتبت في ذلك وعيب عليها وعلى ضرّاتها ، فعقد شعر واحدة بالأخرى ، ثم ضربهما ضربا شديدا ، وكانت الضرّة أحسن اتقاء ، وكانت أسماء لا تتقي الضرب ، فكان الضرب بها أكثر ، فشكت إلى أبيها أبي بكر رضياللهعنه فقال : يا بنية اصبري فإن الزبير رجل صالح ، ولعله أن يكون زوجك في الجنة.
وظاهر الآية يدل : على أنه يعظ ، ويهجر في المضجع ، ويضرب التي يخاف نشوزها. ويجمع بينها ، ويبدأ بما شاء ، لأن الواو لا ترتب. وقال بهذا قوم وقال الجمهور : الوعظ عند خوف النشوز ، والضرب عند ظهوره. وقال ابن عطية : هذه العظة والهجر والضرب مراتب ، إن وقعت الطاعة عند إحداها لم يتعد إلى سائرها. وقال الزمخشري : أمر بوعظهن أولا ، ثم بهجرانهن في المضاجع ، ثم بالضرب إن لم ينجع فيهن الوعظ