الوصف واللفظ ، وإما في المعنى بتناقض أخبار ، أو الوقوع على خلاف المخبر به ، أو اشتماله على ما لا يلتئم ، أو كونه يمكن معارضته. والقرآن العظيم ليس فيه شيء من ذلك ، لأنه كلام المحيط بكل شيء مناسب بلاغة معجزة فائتة لقوى البلغاء ، وتظافر صدق أخبار ، وصحة معان ، فلا يقدر عليه إلا العالم بما لا يعلمه أحد سواه.
قال ابن عطية : فإن عرضت لأحد شبهة وظن اختلافا فالواجب أن يتهم نظره ، ويسأل من هو أعلم منه. وما ذهب إليه بعض الزنادقة المعاندين من أنّ فيه أحكاما مختلفة وألفاظا غير مؤتلفة فقد أبطل مقالتهم علماء الإسلام ، وما جاء في القرآن من اختلاف في تفسير وتأويل وقراءة وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وعام وخاص ومطلق ومقيد فليس هو المقصود في الآية ، بل هذه من علوم القرآن الدالة على اتساع معانيه ، وأحكام مبانيه. وذهب الزجاج إلى أنّ الضمير في فيه عائد على ما يخبره به الله تعالى مما يبيتون ويسرون ، والمعنى : أنّك تخبرهم به على حد ما يقع ، وذلك دليل على أنه من عند الله غيب من الغيوب. وفي ذكر تدبر القرآن ردّ على من قال من الرافضة : إن القرآن لا يفهم معناه إلا بتفسير الرسول صلىاللهعليهوسلم.
(وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ) روى مسلم من حديث ابن عباس عن عمر : «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما اعتزل نساءه ، فدخل عمر المسجد فسمع الناس يقولون : طلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم نساءه ، فدخل على النبي صلىاللهعليهوسلم فسأله : أطلقت نساءك؟ قال : لا. فخرج فنادى : ألا إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يطلق نساءه ، فنزلت». وكان هو الذي استنبط الأمر ، وروى أبو صالح عن ابن عباس : أن الرسول كان إذا بعث سرية من السرايا فغلبت ، أو غلبت ، تحدثوا بذلك وأفشوه ولم يصبروا حتى يكون هو المحدث به ، فنزلت. والضمير في : جاءهم على المنافقين ، قاله ابن عباس والجمهور. أو على ناس من ضعفة المؤمنين قاله : الحسن والزجاج. ولم يذكر الزمخشري غيره أو عليهما نقله ابن عطية ، أو على اليهود قاله بعضهم. والأمر من الأمن أو الخوف فوز السرية بالظفر والغنيمة ، أو الخيبة والنكبة ، فيبادرون بإفشائه قبل أن يخبر الرسول بذلك. أو ما كان ينزل من الوحي بالوعظ بالظفر ، أو بتخفيف من جهة الكفار ، كان يسر النبي عليهالسلام ذلك إليهم فيفشونه ، وكان في ذلك مضرّة على المسلمين ، أو ما يعزم عليه النبي من الوداعة والأمان لقوم ، والخوف الخبر يأتي. أنّ قوما يجمعون للنبي صلىاللهعليهوسلم فيخاف المسلمون منهم قاله : الزجاج ، والماوردي ، وأبو سليمان الدمشقي. وقال ابن عطية : المعنى أنّ المنافقين كانوا يشرئبون إلى سماع ما يسوء