نعيم بن عمرو ، والحارث بن زيد : على أي دين أنت يا محمد؟ فقال : «على ملة إبراهيم». قالا : إن إبراهيم كان يهوديا. فقال صلىاللهعليهوسلم : «فهلموا إلى التوراة». فأبيا عليه ، فنزلت.
وقال الكلبي : زنى رجل منهم بامرأة ولم يكن بعد في ديننا الرجم ، فتحاكموا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم تخفيفا للزانيين لشرفهما ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «إنما أحكم بكتابكم». فأنكروا الرجم ، فجيء بالتوراة ، فوضع حبرهم ، ابن صوريا ، يده على آية الرجم ، فقال عبد الله بن سلام : جاوزها يا رسول الله ، فأظهرها فرجما.
وقال النقاش : نزلت في جماعة من اليهود أنكروا نبوّته ، فقال لهم : «هلموا إلى التوراة ففيها صفتي».
وقال مقاتل : دعا جماعة من اليهود إلى الإسلام ، فقالوا : نحن أحق بالهدى منك ، وما أرسل الله نبيا إلا من بين إسرائيل ، قال : «فأخرجوا التوراة فإني مكتوب فيها أني نبي» فأبوا ، فنزلت (الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) هم : اليهود ، والكتاب : التوراة.
وقال مكي وغيره : اللوح المحفوظ ، وقيل : (مِنَ الْكِتابِ) جنس للكتب المنزلة ، قاله ابن عطية ، وبدأ به الزمخشري و : من ، تبعيض.
وفي قوله : نصيبا ، أي : طرفا ، وظاهر بعض الكتاب ، وفي ذلك إذ هم لم يحفظوه ولم يعلموا جميع ما فيه.
(يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللهِ) هو : التوراة ، وقال الحسن ، وقتادة ، وابن جريح : القرآن. و : يدعون ، في موضع الحال من الذين ، والعامل : تر ، والمعنى : ألا تعجب من هؤلاء مدعوين إلى كتاب الله؟ أي : في حال أن يدعوا إلى كتاب الله (لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) أي : ليحكم الكتاب. وقرأ الحسن ، وأبو جعفر ، وعاصم الجحدري : ليحكم ، مبنيا للمفعول والمحكوم فيه هو ما ذكر في سبب النزول.
(ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ) هذا استبعاد لتوليهم بعد علمهم بأن الرجوع إلى كتاب الله واجب ، ونسب التولي إلى فريق منهم لا إلى جميع المبعدين ، لأن منهم من أسلم ولم يتول كابن سلام وغيره.
(وَهُمْ مُعْرِضُونَ) جملة حالية مؤكدة لأن التولي هو الإعراض ، أو مبينة لكون التولي عن الداعي ، والإعراض عما دعا إليه ، فيكون المتعلق مختلفا ، أو لكون التولي بالبدن