عادته أن يجعل نفسه كأحدهم.
مع أنه يعلم : أنه هو المستهدف بالدرجة الأولى. وهذه هي أخلاق النبوة. وتلك هي سيماء الأفذاذ من الرجال ، وعباد الله الصالحين.
إلا أن يقال : إن المسلمين أنفسهم قد أصروا عليه بأن يظاهر بين درعين ، من أجل الحفاظ عليه «صلى الله عليه وآله» ، كما كانوا يقومون بحراسته «صلى الله عليه وآله» ليلا من أجل ذلك أيضا ..
ويكون «صلى الله عليه وآله» قد قبل منهم ذلك لتطمئن قلوبهم ، ويهدأ روعهم.
ونقول :
إن ذلك لا يصح أيضا ، لأن النبي «صلى الله عليه وآله» كان ملاذا للناس حين الحرب ، وكانوا يلجأون إليه في الشدائد والأهوال.
ولم يكن أحد أقرب منه إلى العدو ، وكان يقدم أحباءه وأهل بيته في الحرب ، ولا نجد مبررا بعد هذا للمظاهرة بين درعين ، لا سيما مع وجود المنافقين ، ومن في قلوبهم مرض ، ومع وجود اليهود وغيرهم من الأعداء ، الذين سوف لا يسكتون عن أمر كهذا ، بل سوف يستفيدون منه لتضليل الناس ، وخداع ضعاف النفوس ، والسذج والبسطاء.
ولم يكن النبي «صلى الله عليه وآله» ليسجل على نفسه سابقة كهذه أصلا.
ب : المنطق القبلي لدى أبي سفيان :
إن محاولة أبي سفيان استعمال المنطق القبلي حين قال : خلوا بيننا وبين ابن عمنا إنما كانت لتفريق الناس عن النبي «صلى الله عليه وآله» ؛ ليتمكن من القضاء على حركته من أسهل طريق ؛ فلا يتعرض للعداوات الحادة بينه