رأيه ، بل تركهم يظهرون له ما في نفوسهم من دون أي تحفظ أو حياء ، وليتحملوا هم المسؤولية ، ثم ليتألفهم بذلك ، حتى إذا اختلفوا كان هو الحاسم للخلاف برأيه الصائب ، وموقفه الحكيم.
وأخيرا ؛ فإن لنا تحفظا على ما ذكره من أن ابن أبي قد رجع بمن معه من المنافقين ، وبعض اليهود.
فإن ذكر اليهود هنا في غير محله ، لأنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن يحبذ الاستعانة باليهود ، كما أنهم هم أنفسهم ما كانوا ليعينوه على قتال عدوه ، ولا يرضى قومهم بذلك منهم ، إلا إذا كانوا يريدون أن يكونوا في جيش المسلمين عيونا للمشركين.
ولم يكن ذلك ليخفى على النبي «صلى الله عليه وآله» ولا المسلمين ، ولعله لأجل ذلك نجده «صلى الله عليه وآله» قد رفض قبولهم في هذه الغزوة بالذات ، وأرجعهم كما سنرى.
ه : لبس لامة الحرب يعني القتال :
وقد رأينا : أن النبي «صلى الله عليه وآله» بعد أن لبس لامة حربه استجابة لرأي الأكثرية ، يرفض الرجوع إلى الرأي الأول ، لأن ذلك معناه : أن ينتزع عنه مفهوم خاطئ ، يضر بالمصلحة العليا للإسلام والمسلمين ، ولا ينسجم مع مركزه كقائد ، بل ربما تكون له آثار سيئة وخطيرة على المدى البعيد.
وهذا المفهوم هو أنه رجل ضعيف ، تتقاذفه الأهواء والآراء ، ولا يملك اتخاذ القرار ؛ بل هو ألعوبة بأيدي أصحابه ، والمنتسبين إليه!
كما أن ذلك من شأنه أن يجعل قراراته في المستقبل عرضة للصراعات