وفي ذلك أيضا : تعريف للمؤمنين أنفسهم بقدراتهم الإيمانية ، وملكاتهم النفسية تلك.
فلا بد إذا ، أن يسعى المقصرون لجبر ما فيهم من نقص ، وتكميل يقينهم ، وزيادة وعيهم الرسالي ؛ قال تعالى في آيات نزلت بمناسبة أحد : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ)(١).
ويقول : (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)(٢).
وخلاصة الأمر : أن ما جرى في أحد قد عرف المسلمين بحقيقة تركيبة مجتمعهم ، وأن فيه المؤمن والمنافق ، وعرفهم أيضا بطاقاتهم وقدراتهم ، ودرجاتهم الإيمانية.
وهذا أمر مهم جدا بالنسبة لخططهم المستقبلية ، ومهم أيضا بالنسبة لتعاملهم على الصعيد الداخلي مع بعضهم البعض ؛ لأن ذلك يجعلهم أكثر دقة ، وأشد حيطة ، حيث يحسبون لكل شيء حسابه ، فلا يأتيهم ما لا يتوقعون ، ولا يواجهون المفاجآت المحيرة. الأمر الذي لا بد أن يؤثر في نتائج مواقفهم ، وجعلها لصالحهم بنحو أدق وأحكم.
ب : أجواء النفاق ودوافعه :
إن النفاق لا يستدعي دائما : أن يكون المنافق يرغب في هدم هذا الدين
__________________
(١) الآية ١٤١ من سورة آل عمران.
(٢) الآية ١٥٤ من سورة آل عمران.