وقالوا أيضا : لو كان من قتل عندنا ما قتل. وجعلوا يخذلون عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أصحابه ، ويأمرونهم بالتفرق عنه. واستأذنه عمر في قتل هؤلاء القائلين من المنافقين واليهود ، فقال «صلى الله عليه وآله» : أليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله؟
قال عمر : بلى ، ولكن تعوذوا من السيف ، وقد بان أمرهم ، وأبدى الله تعالى أضغانهم.
فقال «صلى الله عليه وآله» : نهيت عن قتل من أظهر ذلك. وأما اليهود فلهم ذمة فلا أقتلهم (١).
ونحن نشير هنا إلى ما يلي :
ألف : التمحيص :
إن المحن التي أصابت المسلمين في حرب أحد قد ميزت الخبيث من الطيب منهم ، وامتاز أدعياء الإيمان والمنافقون عن المؤمنين.
كما وعرفت درجات المؤمنين أنفسهم ، ومدى ثبات قدم كل منهم في الإيمان.
قال تعالى في مناسبة غزوة أحد : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)(٢).
__________________
(١) راجع : السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٥٤ ، ومغازي الواقدي ج ١ ص ٣١٧ و ٣١٨ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٤٣.
(٢) الآية ١٤٠ من سورة آل عمران.