عليه وآله» جواز لعن من شاء بغير سبب (١).
قال المظفر «رحمه الله» : نعم ربما يلعن بعض المنافقين وفراعنة الأمة ، الذين ينزون على منبره نزو القردة ، لكشف حقائقهم ؛ إذ يعلم بابتلاء الأمة بهم ، كبني أمية الشجرة الملعونة في القرآن. لكن أتباعهم وضعوا الحديث الذي صيروا فيه اللعنة زكاة ، ليعموا على الناس أمرهم ، ويجعلوا لعن النبي «صلى الله عليه وآله» لهم لغوا ، ودعاءه على معاوية بأن لا يشبع الله بطنه باطلا ، فجزاهم الله تعالى عن نبيهم ما يحق بشأنهم (٢).
فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ :
ومما يلفت النظر هنا : أننا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» ، مع ما نالته به قريش ، كان يقول ـ وفي تلك اللحظات بالذات ـ : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون. وما ذلك إلا لأنه رجل هادف ، وطبيب دوار بطبه ، لا يكرههم ، ولا يعاديهم ، لأنهم عدو ، وإنما هو يكره كفرهم ، وانحرافهم ، وأعمالهم الشاذة ، التي تعود أولا وأخيرا بالدمار عليهم وعلى إخوانهم من بني الإنسان. ولقد كان يذوب حسرة وشفقة عليهم ، حتى عاتبه الله تعالى بقوله : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ)(٣).
نعم ، إن النبي «صلى الله عليه وآله» يرأف بعدوه ، وتذهب نفسه حسرات
__________________
(١) الغدير ج ١١ ص ٩٣ عن الخصائص الكبرى ج ٢ ص ٢٤٤ ، والمواهب اللدنية ج ١ ص ٣٩٥.
(٢) دلائل الصدق ج ١ ص ٤١٧ ، وراجع الغدير ج ١١ ص ٨٩ ـ ٩٤.
(٣) الآية ٨ من سورة فاطر.