ألف : هل النبي صلى الله عليه وآله يحتاج إلى رأي أحد؟!
قد تقدم في أوائل هذا الكتاب في فصل «سرايا وغزوات قبل بدر» ، وفي نفس موقعة بدر بعض الكلام حول استشارة الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» لأصحابه في أمر الحرب.
ونعود هنا للإشارة إلى هذا الأمر من جديد ، على أمل أن يضم القارئ ما كتبناه هنا وهناك ، وهنالك ، بعضه إلى بعض ، ويستخلص النتيجة المتوخاة من طرح هذا الموضوع ، والإشارة إلى جوانبه المختلفة فنقول : إنه لا ريب في حسن المشاورة وصلاحها.
وقد ورد الحث عليها في الأخبار الكثيرة.
ويقولون : إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد شاور أصحابه في أكثر من مرة ومناسبة ، حتى نزل في مناسبة حرب أحد قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ، إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ ..)(١).
وعن ابن عباس بسند حسن : لما نزلت : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) ، قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : أما إن الله ورسوله لغنيان عنها ، ولكن جعلها الله رحمة لأمتي ؛ فمن استشار منهم لم يعدم رشدا ، ومن تركها لم يعدم غيا (٢).
__________________
(١) الآيتان ١٥٩ و ١٦٠ من سورة آل عمران.
(٢) الدر المنثور ج ٢ ص ٨٠ عن ابن عدي ، والبيهقي في شعب الايمان.