ليكون حيوانا ، يحمل إنسانيته كل مشقات ومتاعب النزوات الحيوانية تلك.
كما أنه يكون قد أحسن لبناته اللواتي لن يكون في صالحهن : أن يكون المشرف على قضاياهن وشؤونهن مخلوقا لا يحمل ـ أو فقل ـ : لا أثر في حياته للخصائص والمزايا الأولية للإنسان.
وعليه ، فإذا قبل النبي «صلى الله عليه وآله» أن يمن على أبي عزة الجمحي في بدر من أجل بناته ، ثم رفض ذلك هنا ؛ فإنه لا يكون بين كلا موقفيه أي تناقض أو اختلاف ؛ بل هو مصيب في الحالتين ، وهو قد أحسن لبناته أول مرة ، وكان إحسانه لهن في هذه المرة أعم وأعظم.
هذا كله عدا عن أنه «صلى الله عليه وآله» يكون قد أعطى المثل الأعلى للمؤمن الواعي واليقظ ، الذي لا يخدع ولا يستغل فإنه : لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
(راجع ما تقدم بعد بدر حول خصائص الشيعة).
وفاة أم كلثوم وملابساتها :
ويقولون : إن أم كلثوم بنت النبي ـ بل ربيبته (١) ـ قد توفيت في سنة تسع. ولكن ما يذكر في سبب وفاتها يؤكد : أنها قد توفيت في سنة ثلاث.
فقد جاء في نوادر جنائز الكافي خبر طويل ، تقدم شطر منه قبل صفحات قليلة ، ونعود فنلخصه هنا على النحو التالي :
إن عثمان قد آوى الذي جدع أنف حمزة [وهو معاوية بن المغيرة بن أبي
__________________
(١) كما بيناه في كتابنا : «بنات النبي «صلى الله عليه وآله» أم ربائبه» ، ثم في كتابنا الآخر : «القول الصائب في إثبات الربائب».