ومن جهة ثانية ، فإن المنافقين واليهود كانوا يلتقون مع المشركين في الهدف مرحليا ؛ لأنهم جميعا لا يستطيعون أن يروا انتصار الإسلام والمسلمين في المنطقة ، لأنهم ـ وهم الذين لا همّ لهم إلا الدنيا ـ يرون ذلك يضر بمصالحهم ، وبموقعهم السياسي ، والاجتماعي ، والاقتصادي في المنطقة.
وإذا حارب اليهود والمنافقون إلى جانب المسلمين ، فإنما يفعلون ذلك إما تمهيدا للخيانة بهم ، وإسلامهم إلى أعدائهم ، وإما طمعا في المال والغنائم. ومن يقاتل من أجل ذلك ، فلا يستطيع أن يقدم على الأخطار ، ولا أن يضحي بنفسه ، بل إنما يكون مع المسلمين ما دام النصر حليفهم ، حتى إذا رأى أنهم في خطر ، فإنه لا بد أن يخذلهم في أحرج اللحظات ، وهذا ما سوف يؤثر تأثيرا سلبيا على معنوياتهم ، ومن ثم على مستقبلهم ومصيرهم أيضا.
سؤال وجوابه :
ويبقى سؤال ، وهو : أنه إذا كان الحال كذلك ، فلماذا يقبل النبي «صلى الله عليه وآله» المنافقين في جيش المسلمين مع أن ذلك يشكل خطرا عليهم؟!
ولماذا لا يفضحهم ويكشفهم للناس؟!
وإذا كان يمنع اليهود وغيرهم من الكفار من المشاركة ، فلماذا لا يتخذ تدبيرا معينا يمنع به المنافقين من الحضور في ساحة الحرب؟!
والجواب يتلخص في النقاط التالية :
١ ـ لقد كان النبي «صلى الله عليه وآله» واقعا بين محذورين ، كل منهما صعب وخطير.
أحدهما : سلبية خروج المنافقين إلى الحرب ، وقد حددها الله سبحانه ،