حينما قال : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ)(١).
وكان «صلى الله عليه وآله» يستر ذلك عليهم ما داموا لم يظهرواهم أنفسهم ذلك ، من خلال أفعالهم ومواقفهم ، وأقوالهم.
الثاني : سلبية إبقاء المنافقين في المدينة ، يسرحون ويمرحون ، وربما يكون الخطر في ذلك أعظم مما لو اصطحبهم معه في الحرب ، لأن ذلك يفسح المجال لهم للتآمر ، من دون أن يكون ثمة من يستطيع دفع كيدهم ، ورد بغيهم.
وما قضية تبوك إلا الدليل القاطع على ما نقول ، حيث اضطر الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» إلى إبقاء خليفته ووصيه ، ومن هو منه بمنزلة هارون من موسى في المدينة ، حينما شعر أن تخلف المنافقين عن الخروج إلى تبوك يحمل في طياته أخطارا جساما ، لا يمكن لأحد مواجهتها إلا النبي «صلى الله عليه وآله» ، أو أخوه علي «عليه السلام».
وقد رجح «صلى الله عليه وآله» هذا على ذاك ليرد كيدهم ، ويفشل مؤامراتهم ، ولأجل ذلك كان يخرجهم معه إلى الحرب.
٢ ـ ثم إن النفاق قد لا يتخذ صفة العنف ، بل يظهر المنافق الإسلام حفاظا على مصالحه ، أو لأسباب خاصة أخرى ، مع عدم إبائه عن الدخول فيه ، وتقبله طبيعيا له ، فهو لا يهتم بهدم الإسلام والكيد له. فتبرز الحاجة ـ والحالة هذه ـ إلى إعطائهم الفرصة للتعرف أكثر فأكثر على تعاليم الإسلام
__________________
(١) الآية ٤٧ من سورة التوبة.