ونزيد نحن هنا : أنه لو كان الأمر كذلك للزم أن يعطي الراية إلى أبي بن كعب ، سيد القراء ؛ فلماذا خص بها زيدا دونه؟! فإن كلا منهما من أبناء مالك بن النجار ، فهل كان زيد أقرأ من أبي؟! الذي وصفه رسول الله «صلى الله عليه وآله» كما في بعض الروايات بأنه أقرأ الأمة (١) ، أم أن أبيا تخلف عن غزوة تبوك ، فلماذا لم يعامل معاملة المتخلفين ، مع أنهم يقولون : إنه شهد بدرا ، والمشاهد كلها؟! (٢).
ولماذا لا يجري النبي «صلى الله عليه وآله» هذه القاعدة في سائر الموارد ، وذلك بالنسبة لابن مسعود في المهاجرين ، وكذا غيره ممن نص التاريخ على أنهم قد حفظوا القرآن ، وجمعوه في عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!.
زيد وجمع القرآن :
وقد أشارت رواية أخذه الراية في تبوك ، إلى كثرة أخذ زيد للقرآن ، كما أنهم يذكرون لزيد مقاما فريدا بالنسبة لجمع القرآن في عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ؛ إذ يقال : «إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة ، التي بين فيها ما نسخ ، وما بقي ، وكتبها الرسول ، وقرأها عليه ، وكان يقرئ الناس بها حتى مات ، ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر ، وجمعه ، وولاه عثمان كتب المصاحف» (٣).
__________________
(١) راجع : كتابنا حقائق هامة حول القرآن فصل : ماذا عن جمع القرآن في عهد الخلفاء؟
(٢) الإصابة ج ١ ص ١٩.
(٣) الإتقان ج ١ ص ٥٠ عن البغوي في شرح السنة وراجع تاريخ القرآن للزنجاني ص ٣٩ و ٤٠.