وقد اجتمع معه من كان تخلف عنه ، وقد ندموا على ما صنعوا ، وأنهم يتحرقون عليهم. وأن نواصي الخيل قد تدركهم قبل أن يرتحلوا.
فدب الرعب في قلوب المشركين ، وأسرعوا بالرحيل. والتقوا بركب من بني عبد القيس قاصدا المدينة ، فوعدهم أبو سفيان أن يعطيهم ما يرضيهم إذا هم أبلغوا رسول الله أن قريشا آتية لحربه.
وأرسل معبد يخبر رسول الله بحقيقة الأمر.
وبعد إقامة النبي «صلى الله عليه وآله» ثلاثة أيام عاد إلى المدينة.
أسيران يقعان في أيدي المسلمين :
وأخذ النبي «صلى الله عليه وآله» في طريقه ذاك رجلين من قريش ، هما معاوية بن المغيرة بن أبي العاص ، وأبو عزة الجمحي.
أما أبو عزة فقد كان أسر في بدر ، ثم منّ عليه «صلى الله عليه وآله» لبناته الخمس ، وأخذ عليه العهد أن لا يعود إلى حرب المسلمين ، وأن لا يظاهر عليه أحدا. فنقض العهد ، وألّب القبائل ، وشارك في معركة أحد.
فلما عادت قريش ، ونزلت في حمراء الأسد ، ساروا وتركوه نائما ، فأدركه المسلمون هناك ، وأخذوه إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، فطلب الإقالة ، فرفض «صلى الله عليه وآله» ذلك حتى لا يمسح عارضيه بمكة ، ويقول : سخرت من محمد مرتين. ثم أمر «صلى الله عليه وآله» عليا ـ وقيل غيره ـ أن يضرب عنقه ، ففعل.
ولكن ابن جعدبة قال : ما أسر يوم أحد هو ولا غيره. ولقد كان المسلمون في شغل من الأسر. ولم ينكر قتله.